أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون
أولم ينظروا نظر استدلال . في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء مما يقع عليه اسم الشيء من الأجناس التي لا يمكن حصرها ليدلهم على كمال قدرة صانعها ، ووحدة مبدعها وعظم شأن مالكها ، ومتولي أمرها ليظهر لهم صحة ما يدعوهم إليه . وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم عطف على ملكوت وأن مصدرية أو مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن وكذا اسم يكون والمعنى : أولم ينظروا في اقتراب آجالهم وتوقع حلولها فيسارعوا إلى طلب الحق والتوجه إلى ما ينجيهم ، قبل مغافصة الموت ونزول العذاب . فبأي حديث بعده أي بعد القرآن . يؤمنون إذا لم يؤمنوا به ، وهو النهاية في البيان كأنه إخبار عنهم بالطبع والتصميم على الكفر بعد إلزام الحجة والإرشاد إلى النظر . وقيل هو متعلق بقوله : عسى أن يكون ، كأنه قيل لعل أجلهم قد اقترب فما بالهم لا يبادرون الإيمان بالقرآن ، وماذا ينتظرون بعد وضوحه فإن لم يؤمنوا به فبأي حديث أحق منه يريدون أن يؤمنوا به .
وقوله : من يضلل الله فلا هادي له كالتقرير والتعليل له . ونذرهم في طغيانهم بالرفع على الاستئناف ، وقرأ أبو عمرو وعاصم بالياء لقوله ويعقوب من يضلل الله ، وحمزة به وبالجزم عطفا على محل والكسائي فلا هادي له ، كأنه قيل : لا يهده أحد غيره ويذرهم . يعمهون حال من هم .