إذ يغشيكم النعاس بدل ثان من (إذ يعدكم) لإظهار نعمة ثالثة أو متعلق بالنصر أو بما في عند الله من معنى الفعل ، أو بجعل أو بإضمار اذكر . وقرأ بالتخفيف من أغشيته الشيء إذا غشيته إياه والفاعل على القراءتين هو الله تعالى وقرأ نافع ابن كثير « يغشاكم النعاس » بالرفع . وأبو عمرو أمنة منه أمنا من الله ، وهو مفعول له باعتبار المعنى فإن قوله يغشيكم النعاس متضمن معنى تنعسون ، و « يغشاكم » بمعناه ، والـ أمنة فعل لفاعله ويجوز أن يراد بها الإيمان فيكون فعل المغشي ، وأن تجعل على القراءة الأخيرة فعل النعاس على المجاز لأنها لأصحابه ، أو لأنه كان من حقه أن لا يغشاهم لشدة الخوف فلما غشيهم فكأنه حصلت له أمنة من الله لولاها لم يغشهم كقوله :
بهاب النوم أن يغشى عيونا . . . تهابك فهو نفار شرود
وقرئ « أمنة » كرحمة وهي لغة . وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به من الحدث والجنابة .ويذهب عنكم رجز الشيطان يعني الجنابة لأنها من تخييله ، أو وسوسته وتخويفه إياهم من العطش .
روي أنهم نزلوا في كثيب أغفر تسوخ فيه الأقدام على غير ماء وناموا فاحتلم أكثرهم وقد غلب المشركون على الماء ، فوسوس إليهم الشيطان وقال : كيف تنصرون ، وقد غلبتم على الماء وأنتم تصلون محدثين مجنبين وتزعمون أنكم أولياء الله ، وفيكم رسوله فأشفقوا فأنزل الله المطر ، فمطروا ليلا حتى جرى الوادي واتخذوا الحياض على عدوته وسقوا الركاب واغتسلوا وتوضؤوا ، وتلبد الرمل الذي بينهم وبين العدو حتى ثبتت عليه الأقدام وزالت الوسوسة .
وليربط على قلوبكم بالوثوق على لطف الله بهم . ويثبت به الأقدام أي بالمطر حتى لا تسوخ في الرمل ، أو بالربط على القلوب حتى تثبت في المعركة .