لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين
لقد ابتغوا الفتنة تشتيت أمرك وتفريق أصحابك . من قبل يعني يوم أحد فإن ابن أبي وأصحابه كما تخلفوا عن تبوك بعد ما خرجوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ذي جدة أسفل من ثنية الوداع انصرفوا يوم أحد . وقلبوا لك الأمور ودبروا لك المكايد والحيل ودوروا الآراء في إبطال أمرك . حتى جاء الحق بالنصر والتأييد الإلهي . وظهر أمر الله وعلا دينه . وهم كارهون أي على رغم منهم ، والآيتان لتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على تخلفهم وبيان ما ثبطهم الله لأجله وكره انبعاثهم له وهتك أستارهم وكشف أسرارهم وإزاحة اعتذارهم تداركا لما فوت الرسول صلى الله عليه وسلم بالمبادرة إلى الإذن ولذلك عوتب عليه . ومنهم من يقول ائذن لي في القعود . ولا تفتني ولا توقعني في الفتنة أي في العصيان والمخالفة بأن لا تأذن لي ، وفيه إشعار بأنه لا محالة متخلف أذن له أم لم يأذن ، أو في الفتنة بسبب ضياع المال والعيال إذ لا كافل لهم بعدي . أو في الفتنة لنساء الروم لما روي : أن جد بن قيس قال : قد علمت الأنصار أني مولع بالنساء فلا تفتني ببنات الأصفر [ ص: 84 ] ولكني أعينك بمالي فاتركني .
ألا في الفتنة سقطوا أي إن الفتنة هي التي سقطوا فيها وهي فتنة التخلف أو ظهور النفاق لا ما احترزوا عنه . وإن جهنم لمحيطة بالكافرين جامعا لهم يوم القيامة ، أو الآن لأن إحاطة أسبابها بهم كوجودها .