بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون
117 - بديع السماوات والأرض أي: مخترعهما ومبدعهما لا على مثال سبق، وكل من فعل ما لم يسبق إليه يقال له: أبدعت، ولهذا قيل لمن خالف السنة والجماعة: مبتدع; لأنه يأتي في دين الإسلام ما لم يسبقه إليه الصحابة والتابعون -رضي الله عنهم- وإذا قضى أمرا أي: حكم، أو قدر، فإنما يقول له كن فيكون هو من كان التامة، أي: احدث فيحدث، وهذا مجاز عن سرعة التكوين، وتمثيل، ولا قول ثم، وإنما المعنى: أن ما قضاه من الأمور، وأراد كونه، فإنما يتكون ويدخل تحت الوجود من غير امتناع ولا توقف، كما [أن] المأمور المطيع الذي يؤمر فيمتثل [لا يتوقف، ولا يمتنع] ولا يكون منه إباء، وأكد بهذا استبعاد الولادة; لأن من كان بهذه الصفة من القدر كانت صفاته مباينة لصفات الأجسام، فأنى يتصور التوالد ثم؟! والوجه الرفع في " فيكون " وهو قراءة العامة على الاستئناف، أي: فهو يكون، أو على العطف على يقول، ونصبه ابن عامر على لفظ " كن " ; لأنه أمر، وجواب الأمر بالفاء نصب. وقلنا: إن " كن " ليس بأمر حقيقة، إذ لا فرق بين أن يقال: وإذا قضى أمرا فإنما يكونه فيكون، وبين أن يقال: فإنما يقول له كن فيكون. وإذا كان كذلك فلا معنى للنصب، وهذا لأنه لو كان أمرا فإما أن يخاطب به الموجود، والموجود لا يخاطب بكن، أو المعدوم والمعدوم لا يخاطب.