ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين
120 - ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله المراد بهذا النفي: النهي. وخص هؤلاء بالذكر -وإن استوى كل الناس في ذلك-; لقربهم منه، ولا يخفى عليهم خروجه. ولا يرغبوا ولا أن يضنوا بأنفسهم عن نفسه عما يصيب نفسه، أي: لا يختاروا إبقاء أنفسهم على نفسه في الشدائد، بل أمروا بأن يصحبوه في البأساء والضراء، ويلقوا أنفسهم بين يديه في كل شديدة ذلك النهي عن التخلف بأنهم بسبب أنهم لا يصيبهم ظمأ عطش ولا نصب تعب ولا مخمصة مجاعة في سبيل الله في الجهاد ولا يطئون موطئا ولا يدوسون مكانا من أمكنة الكفار بحوافر خيولهم، وأخفاف رواحلهم وأرجلهم. يغيظ الكفار يغضبهم، ويضيق صدورهم. ولا ينالون من عدو نيلا ولا يصيبون منهم إصابة بقتل، أو أسر، أو جرح، أو كسر، أو هزيمة. إلا كتب لهم به عمل صالح عن رضي الله عنهما: لكل روعة سبعون ألف حسنة. يقال: نال منه: إذا رزأه، ونقصه. وهو عام في كل ما يسوءهم. وفيه دليل على أن ابن عباس وعلى أن المدد يشارك الجيش في الغنيمة بعد انقضاء الحرب; لأن وطء ديارهم مما يغيظهم. وقد أسهم النبي صلى الله عليه وسلم من قصد خيرا كان سعيه فيه مشكورا من قيام، وقعود، ومشي، وكلام، وغير ذلك، لابني عامر، وقد قدما بعد تقضي الحرب. والموطئ: إما مصدر كالمورد، وإما مكان، فإن كان مكانا [ ص: 717 ] فمعنى " يغيظ الكفار يغيطهم وطؤه " إن الله لا يضيع أجر المحسنين أي: أنهم محسنون، والله لا يبطل ثوابهم.