لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور
186 - لتبلون والله لتبلون، أي: لتختبرن في أموالكم بالإنفاق في سبيل الله، وبما يقع فيها من الآفات. وأنفسكم بالقتل، والأسر، والجراح، وما يرد عليها من أنواع المخاوف والمصائب، وهذه الآية دليل على أن النفس هي الجسم المعاين دون ما فيه من المعنى الباطل، كما قال بعض أهل الكلام والفلاسفة، كذا في "شرح التأويلات" ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم يعني: اليهود والنصارى. ومن الذين أشركوا أذى كثيرا كالطعن في الدين، وصد من أراد الإيمان، وتخطئة من آمن، ونحو ذلك. وإن تصبروا على أذاهم وتتقوا مخالفة أمر الله فإن ذلك فإن الصبر والتقوى من عزم الأمور من معزومات الأمور، أي: مما يجب العزم عليه من الأمور. خوطب المؤمنون بذلك; ليوطنوا أنفسهم على [ ص: 319 ] احتمال ما سيلقون من الشدائد والصبر عليها، حتى إذا لقوها -وهم مستعدون- لا يرهقهم ما يرهق من تصيبه الشدة بغتة، فينكرها، وتشمئز منها نفسه.