لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم
73 - لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة أي: ثالث ثلاثة آلهة، والإشكال أنه تعالى قال في الآية الأولى: لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم [المائدة: 17] وقال في الثانية: لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة والجواب: أن بعض النصارى كانوا يقولون: كان المسيح بعينه هو الله; لأن الله ربما يتجلى في بعض الأزمان في شخص، فتجلى في ذلك الوقت في شخص عيسى، ولهذا كان يظهر من شخص عيسى أفعال [ ص: 465 ] لا يقدر عليها إلا الله، وبعضهم ذهبوا إلى آلهة ثلاثة: الله، ومريم، والمسيح، وأنه ولد الله من مريم، و "من" في قوله: وما من إله إلا إله واحد للاستغراق، أي: وما إله قط في الوجود إلا إله موصوف بالوحدانية، لا ثاني له، وهو الله وحده، لا شريك له، وفي قوله: وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم للبيان كالتي في فاجتنبوا الرجس من الأوثان [الحج: 30] ولم يقل: ليمسنهم; لأن في إقامة الظاهر مقام المضمر تكريرا للشهادة عليهم بالكفر، أو للتبعيض، أي: ليمسن الذين بقوا على الكفر منهم; لأن كثيرا منهم تابوا عن النصرانية عذاب أليم نوع شديد الألم من العذاب.