قوله عز وجل:
فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين
المعنى: فتعالى الله عن مقالتهم في جهته من الصاحبة والولد، ومن حسابهم أنهم لا يرجعون، أي: تنزه الله عن تلك الأمور وتعالى عنها. وقرأ ابن محيصن : "الكريم" بالرفع صفة للرب.
ثم توعد جلت قدرته عبدة الأصنام بقوله تبارك وتعالى: ومن يدع مع الله إلها آخر الآية، والوعيد قوله: فإنما حسابه عند ربه .
و "البرهان": الحجة، وظاهر الكلام أن "من" شرط، وجوابه في قوله: فإنما حسابه عند ربه ، وقوله: لا برهان له به في موضع الصفة. وذهب قوم إلى أن الجواب في قوله: "لا برهان"، وهذا هروب من دليل الخطاب من أن يكون ثم داع له برهان.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله :
وهذا تحفظ مما لا يلزم، ويلحقه حذف الفاء من جواب الشرط وهو غير فصيح، قاله . وفي حرف سيبويه : "عند ربك"، وفي حرف عبد الله : "عند الله"، وروي أن فيه "على الله". ثم حتم وأكد أن الكافر لا يبلغ أمنيته ولا ينجح سعيه. وقرأ الجمهور : "إنه لا يفلح" بكسر الألف، وقرأ أبي الحسن : "أنه" بفتحها، والمعنى أنه إذ لا يذكر ولا يفلح يؤخر حسابه وعذابه حتى يلقى ربه. وقرأ وقتادة : "يفلح" بفتح الياء واللام. الحسن
[ ص: 328 ] ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء في المغفرة والرحمة والذكر له تعالى بأنه خير الراحمين; لأن كل راحم فمتصرف على إرادة الله تعالى، وتوفيقه وتقديره لمقدار هذه الرحمة. ورحمته تعالى لا مشاركة لأحد فيها، وأيضا فرحمة كل راحم في أشياء وبأشياء حقيرات بالإضافة إلى المعاني التي تقع فيها رحمة الله تبارك وتعالى من الاستنقاذ من النار، وهيئة نعيم الجنة، وعلى ما في الحديث فرحمة كل راحم مجموعها كلها جزء من مائة من رحمة الله تعالى جلت قدرته; إذ بث في العالم واحدة وأمسك عنده تسعة وتسعين.
وقرأ ابن محيصن : "وقل رب اغفر" بضم الباء من "رب".
تم تفسير سورة المؤمنون والحمد لله رب العالمين