قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=12532_17473_28723_32940_32942_34232_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا
قال بعض نحاة الكوفيين: الخبر عن "الذين" متروك، والقصد الإخبار عن أزواجهم بأنهن يتربصن. ومذهب نحاة
البصرة أن خبر "الذين" مترتب بالمعنى وذلك أن الكلام إنما تقديره: (يتربص أزواجهم). وإن شئت قدرته: (وأزواج الذين يتوفون منكم يتربصن). فجاءت العبارة في غاية الإيجاز، وإعرابها مترتب على هذا المعنى المالك لها المتقرر فيها.
وحكى
المهدوي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه : أن المعنى: "وفيما يتلى عليكم الذين يتوفون" ولا أعرف هذا الذي حكاه، لأن ذلك إنما يتجه إذا كان في الكلام لفظ أمر بعد. مثل قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا وهذه الآية فيها معنى الأمر لا لفظه. فيحتاج مع هذا التقدير إلى تقدير آخر يستغنى عنه إذا حضر لفظ الأمر، وحسن مجيء الآية هكذا أنها توطئة لقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234فلا جناح عليكم إذ القصد بالمخاطبة من أول الآية إلى آخرها الرجال الذين منهم الحكام والنظار، وعبارة
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد nindex.php?page=showalam&ids=13673والأخفش ما ذكرناه.
وهذه الآية هي في عدة المتوفى عنها زوجها، وظاهرها العموم، ومعناها
[ ص: 578 ] الخصوص في الحرائر غير الحوامل، ولم تعن الآية لما يشذ من مرتابة ونحوها.
وحكى
المهدوي عن بعض العلماء: أن الآية تناولت الحوامل، ثم نسخ ذلك بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4وأولات الأحمال . وعدة الحامل وضع حملها عند جمهور العلماء، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وغيرهما: أن تمام عدتها آخر الأجلين.
والتربص: التصبر والتأني بالشخص في مكان أو حال، وقد بين تعالى ذلك بقوله: "بأنفسهن"، والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: متظاهرة أن التربص بإحداد هو الامتناع عن الزينة ولبس المصبوغ الجميل، والطيب ونحوه، والتزام المبيت في مسكنها، حيث كانت وقت وفاة الزوج. وهذا قول جمهور العلماء، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأصحابه.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة -فيما روي عنه- وغيرهما: ليس المبيت بمراعى، تبيت حيث شاءت.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن : ليس الإحداد بشيء، إنما تتربص عن الزواج، ولها أن تتزين وتتطيب.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا ضعيف. وقرأ جمهور الناس: "يتوفون" بضم الياء. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "يتوفون" بفتح الياء، وكذلك روى
nindex.php?page=showalam&ids=12053المفضل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ، ومعناه يستوفون آجالهم.
[ ص: 579 ] وجعل الله الأربعة الأشهر والعشر عبادة في العدة فيها استبراء للحمل، إذ فيها تكمل الأربعون، والأربعون، والأربعون، حسب الحديث الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وغيره، ثم ينفخ الروح.
وجعل تعالى العشر تكملة، إذ هي مظنة لظهور الحركة بالجنين، وذلك لنقص الشهور أو كمالها، ولسرعة حركة الجنين أو إبطائها، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية وغيرهما.
وقال تعالى: "عشرا" ولم يقل "عشرة" تغليبا لحكم الليالي، إذ الليلة أسبق من اليوم، والأيام في ضمنها، وعشر أخف في اللفظ. قال جمهور أهل العلم: ويدخل في ذلك اليوم العاشر، وهو من العدة، لأن الأيام مع الليالي. وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=17150منذر بن سعيد ، وروي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي أن اليوم العاشر ليس من العدة بل انقضت بتمام عشر ليال. قال
المهدوي : وقيل: المعنى: وعشر مدد، كل مدة من يوم وليلة.
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قرأ: "أربعة أشهر وعشر ليال".
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=12532_17473_28723_32940_32942_34232_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا
قَالَ بَعْضُ نُحَاةِ الْكُوفِيِّينَ: الْخَبَرُ عَنِ "الَّذِينَ" مَتْرُوكٌ، وَالْقَصْدُ الْإِخْبَارُ عَنْ أَزْوَاجِهِمْ بِأَنَّهُنَّ يَتَرَبَّصْنَ. وَمَذْهَبُ نُحَاةِ
الْبَصْرَةِ أَنَّ خَبَرَ "الَّذِينَ" مُتَرَتِّبٌ بِالْمَعْنَى وَذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا تَقْدِيرُهُ: (يَتَرَبَّصُ أَزْوَاجُهُمْ). وَإِنْ شِئْتَ قَدَّرْتَهُ: (وَأَزْوَاجُ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ يَتَرَبَّصْنَ). فَجَاءَتِ الْعِبَارَةُ فِي غَايَةِ الْإِيجَازِ، وَإِعْرَابُهَا مُتَرَتِّبٌ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الْمَالِكِ لَهَا الْمُتَقَرِّرِ فِيهَا.
وَحَكَى
الْمَهْدَوِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ : أَنَّ الْمَعْنَى: "وَفِيمَا يُتْلَى عَلَيْكُمُ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ" وَلَا أَعْرِفُ هَذَا الَّذِي حَكَاهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَتَّجِهُ إِذَا كَانَ فِي الْكَلَامِ لَفْظُ أَمْرٍ بَعْدُ. مِثْلُ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا وَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا مَعْنَى الْأَمْرِ لَا لَفْظُهُ. فَيَحْتَاجُ مَعَ هَذَا التَّقْدِيرِ إِلَى تَقْدِيرٍ آخَرَ يُسْتَغْنَى عَنْهُ إِذَا حَضَرَ لَفْظُ الْأَمْرِ، وَحُسْنُ مَجِيءِ الْآيَةِ هَكَذَا أَنَّهَا تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذِ الْقَصْدُ بِالْمُخَاطَبَةِ مِنْ أَوَّلِ الْآيَةِ إِلَى آخِرِهَا الرِّجَالُ الَّذِينَ مِنْهُمُ الْحُكَّامُ وَالنُّظَّارُ، وَعِبَارَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدِ nindex.php?page=showalam&ids=13673وَالْأَخْفَشِ مَا ذَكَرْنَاهُ.
وَهَذِهِ الْآيَةُ هِيَ فِي عِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَظَاهِرُهَا الْعُمُومُ، وَمَعْنَاهَا
[ ص: 578 ] الْخُصُوصُ فِي الْحَرَائِرِ غَيْرِ الْحَوَامِلِ، وَلَمْ تَعْنِ الْآيَةُ لِمَا يَشِذُّ مِنْ مُرْتَابَةٍ وَنَحْوِهَا.
وَحَكَى
الْمَهْدَوِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ: أَنَّ الْآيَةَ تَنَاوَلَتِ الْحَوَامِلَ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4وَأُولاتُ الأَحْمَالِ . وَعِدَّةُ الْحَامِلِ وَضْعُ حَمْلِهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَغَيْرِهِمَا: أَنَّ تَمَامَ عِدَّتِهَا آخِرُ الْأَجَلَيْنِ.
وَالتَّرَبُّصُ: التَّصَبُّرُ وَالتَّأَنِّي بِالشَّخْصِ فِي مَكَانٍ أَوْ حَالٍ، وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: "بِأَنْفُسِهِنَّ"، وَالْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُتَظَاهِرَةٌ أَنَّ التَّرَبُّصَ بِإِحْدَادٍ هُوَ الِامْتِنَاعُ عَنِ الزِّينَةِ وَلُبْسِ الْمَصْبُوغِ الْجَمِيلِ، وَالطَّيِّبِ وَنَحْوِهِ، وَالْتِزَامِ الْمَبِيتِ فِي مَسْكَنِهَا، حَيْثُ كَانَتْ وَقْتَ وَفَاةِ الزَّوْجِ. وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ -فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ- وَغَيْرُهُمَا: لَيْسَ الْمَبِيتُ بِمُرَاعًى، تَبِيتُ حَيْثُ شَاءَتْ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ : لَيْسَ الْإِحْدَادُ بِشَيْءٍ، إِنَّمَا تَتَرَبَّصُ عَنِ الزَّوَاجِ، وَلَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ وَتَتَطَيَّبَ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَقَرَأَ جُمْهُورُ النَّاسِ: "يُتَوَفَّوْنَ" بِضَمِّ الْيَاءِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "يَتَوَفَّوْنَ" بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَكَذَلِكَ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12053الْمُفَضَّلُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ ، وَمَعْنَاهُ يَسْتَوْفُونَ آجَالَهُمْ.
[ ص: 579 ] وَجَعَلَ اللَّهُ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرَ وَالْعَشْرَ عِبَادَةً فِي الْعِدَّةِ فِيهَا اسْتِبْرَاءٌ لِلْحَمْلِ، إِذْ فِيهَا تَكْمُلُ الْأَرْبَعُونَ، وَالْأَرْبَعُونَ، وَالْأَرْبَعُونَ، حَسَبَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ، ثُمَّ يَنْفُخُ الرُّوحَ.
وَجَعَلَ تَعَالَى الْعَشْرَ تَكْمِلَةً، إِذْ هِيَ مَظِنَّةٌ لِظُهُورِ الْحَرَكَةِ بِالْجَنِينِ، وَذَلِكَ لِنَقْصِ الشُّهُورِ أَوْ كَمَالِهَا، وَلِسُرْعَةِ حَرَكَةِ الْجَنِينِ أَوْ إِبْطَائِهَا، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَغَيْرُهُمَا.
وَقَالَ تَعَالَى: "عَشْرًا" وَلَمْ يَقُلْ "عَشْرَةً" تَغْلِيبًا لِحُكْمِ اللَّيَالِي، إِذِ اللَّيْلَةُ أَسْبَقُ مِنَ الْيَوْمِ، وَالْأَيَّامُ فِي ضِمْنِهَا، وَعَشْرٌ أَخَفُّ فِي اللَّفْظِ. قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ: وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمُ الْعَاشِرُ، وَهُوَ مِنَ الْعِدَّةِ، لِأَنَّ الْأَيَّامَ مَعَ اللَّيَالِي. وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=17150مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ لَيْسَ مِنَ الْعِدَّةِ بَلِ انْقَضَتْ بِتَمَامِ عَشْرِ لَيَالٍ. قَالَ
الْمَهْدَوِيُّ : وَقِيلَ: الْمَعْنَى: وَعَشْرُ مُدَدٍ، كُلُّ مُدَّةٍ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ: "أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَ لَيَالٍ".