قوله عز وجل:
وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون
استبعد الكفار أن تبعث الأجساد والرمم من القبور، فذكر ذلك عنهم على جهة الرد عليهم. وقرأ ، أبو عمرو : "أيذا" و "أينا" غير أن وابن كثير يمد أبا عمرو لا يمد، وقرأ وابن كثير عاصم : "أئذا" و "أئنا" بهمزة فيهما، وقرأ وحمزة : "إذا" مكسورة الألف "آينا" ممدوة الألف، وقرأ الباقون: "آئذا" ممدودة "إننا" بنونين وكسر الألف. نافع
ثم ذكر الكفار أن هذه المقالة مما وعدوا بها قبل، وقد ورد ذلك على لسان جميع الأنبياء، وجزموا أن ذلك من أساطير الأولين، ثم وعظهم تبارك وتعالى بحال من عذب وبالحذر أن يصيبهم ما أصاب أولئك، وهذا التحذير يقتضيه المعنى. ثم سلى الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام عنهم، وهذا بحسب ما كان عنده من الحرص عليهم والاهتمام بأمرهم. وقرأ : "في ضيق" بكسر الضاد، ورويت عن ابن كثير ، وقرأ الباقون [ ص: 556 ] بفتحها، والضيق والضيق مصدران بمعنى واحد، وكره نافع أن يكون "ضيق" كهين ولين مسهلة من ضيق، قال: لأن ذلك يقتضي أن تقام الصفة مقام الموصوف. ثم ذكر استعجال أبو علي قريش بأمر الساعة والعذاب.
و "ردف" معناه: قرب وأزف، قاله وغيره، ولكنها عبارة عما يجيء بعد الشيء قريبا منه، ولكونه بمعنى هذه الأفعال تعدى بحرف وإلا فبابه أن يتجاوز بنفسه. وقرأ الجمهور بكسر الدال، وقرأ ابن عباس : "ردف" بفتح الدال. وقرأ جمهور الناس: "يكن" من أكن، وقرأ الأعرج ابن محيصن وابن السميفع من كن: "تكن"، وهما بمعنى واحد.