وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون
نصب "قارون" إما بفعل مضمر تقديره: اذكر، وإما بالعطف على ما تقدم، وقارون من بني إسرائيل، وهو الذي تقدمت قصته في الكنوز وفي البغي على موسى بن عمران عليه السلام ، وفرعون مشهور، وهامان وزيره، وهو من القبط . و "البينات": المعجزات والآيات الواضحة، و "سابقين" معناه: مفلتين من أخذنا وعقابنا، وقيل: معناه: سابقين أوليائنا، وقيل: معناه: سابقين الأمم إلى الكفر، أي: قد كانت تلك عادة أمم مع الرسل.
[ ص: 645 ] و "الذين أرسل عليهم الحاصب" قال رضي الله عنهما: هم قوم ابن عباس لوط .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله :
ويشبه أن يدخل قوم عاد في الحاصب; لأن تلك الريح لا بد أنها كانت تحصبهم بأمور مؤذية. و "الحاصب": هو العارض من ريح أو سحاب أو رمى بشيء، ومنه قول : الفرزدق
مستقبلين شمال الشام تضربنا بحاصب كنديف القطن منثور
ومنه قول : الأخطل
ترمي العضاة بحاصب من ثلجها حتى يبيت على العضاة جفالا
و "الذين أخذتهم الصيحة" قوم ثمود ، قاله ، وقال ابن عباس : هم قوم قتادة شعيب ، و "الخسف" كان بقارون ، قاله رضي الله عنهما. ابن عباس
قال القاضي أبو محمد رحمه الله :
ويشبه أن يكون أصحاب الرجفة في هذا النوع من العذاب، و "الغرق" كان في قوم نوح ، وبه فسر ، وفي ابن عباس فرعون وحزبه، وبه فسر . قتادة
وظلمهم أنفسهم كان بالكفر ووضع العبادة في غير موضعها، وقدم المفعول على [ ص: 646 ] "يظلمون" للاهتمام، وهذا نحو: إياك نعبد وغيره، وحكى أن رجفة قوم الطبري شعيب كانت صيحة أرجفتهم في هذا مع ثمود .