ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمت الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور
الرؤية في قوله: "ألم تر" رؤية العين يتركب عليها النظر والاعتبار، والمخاطب محمد صلى الله عليه وسلم والمراد الناس أجمع. و"الفلك" جمع وواحد بلفظ واحد. وقرأ موسى بن [ ص: 61 ] الزبير : "الفلك" بضم اللام. وقوله: "ألم تر" يحتمل أن يريد ما تحمله السفن من الطعام والأرزاق، فالباء للإلصاق، ويحتمل أن يريد: بالريح وتسخير الله تعالى البحر ونحو هذا، فالباء باء السبب. وقرأ الجمهور: "بنعمة"، وقرأ : "بنعمات" بفتح النون وكسر العين. ابن أبي عبلة
وذكر تعالى من صفة المؤمن الصبار والشكور على الضراء والسراء، وقال : "الصبر نصف الإيمان، والشكر نصفه الآخر، واليقين الإيمان كله". الشعبي
وغشي: غطى، أو قارب، و"الظلل": السحاب، وقرأ : "كالظلال" ومنه قول محمد بن الحنفية يصف البحر: النابغة
يماشيهن أخضر ذو ظلال ... على حافاته فلق الدنان
ووصف تعالى في هذه الآية حالة البشر الذين لا يعتبرون حق العبرة، والقصد بالآية تبيين آية تشهد العقول بأن والأصنام والأوثان لا شركة لها فيها ولا مدخل.
وقوله تعالى: فمنهم مقتصد ، قال منهم مؤمن يعرف حق الله تعالى في هذه النعم، وقال الحسن: : يريد: فمنهم مقتصد على كفره، أي: منهم من يسلم لله تعالى ويفهم نحو هذا من القدرة، وإن ضل في الأصنام من جهة أنه يعظمها بسيرته ولسانه. مجاهد
و"الختار" : القبيح الغدر، وذلك أن نعم الله تعالى على العباد كأنها عهود ومنن يلزم عنها أداء شكرها والعبادة لمسديها، فمن كفر ذلك وجحد به فكأنه ختر وخان، ومن الختر قول عمرو بن معدي يكرب الزبيدي:
فإنك لو رأيت أبا عمير ... ملأت يديك من غدر وختر
وقال الختار هو الغدار. و"كفور" بناء مبالغة. الحسن: