قوله عز وجل:
فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين .
[ ص: 9 ] قال رضي الله عنه: السكينة ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان، وروي عنه أنه قال: هي ريح خجوج، ولها رأسان. وقال علي بن أبي طالب السكينة لها رأس كرأس الهرة، وجناحان وذنب. وقال: أقبلت السكينة والصرد مجاهد: وجبريل مع إبراهيم من الشام- وقال عن بعض علماء بني إسرائيل: السكينة: رأس هرة ميتة كانت إذا صرخت في التابوت بصراخ الهر أيقنوا بالنصر. وقال وهب بن منبه السكينة: طست من ذهب من الجنة، كان يغسل فيه قلوب الأنبياء، وقاله السدي. وقال ابن عباس: السكينة روح من الله يتكلم إذا اختلفوا في شيء أخبرهم ببيان ما يريدون. وهب بن منبه:
وقال السكينة: ما يعرفون من الآيات فيسكنون إليها. وقال عطاء بن أبي رباح: الربيع بن أنس: سكينة من ربكم أي: رحمة من ربكم. وقال قتادة: سكينة من ربكم أي: وقار لكم من ربكم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والصحيح أن التابوت كانت فيه أشياء فاضلة من بقايا الأنبياء وآثارهم، فكانت النفوس تسكن إلى ذلك، وتأنس به وتقوى، فالمعهود أن الله ينصر الحق والأمور الفاضلة عنده، والسكينة على هذا: فعيلة مأخوذة من السكون، كما يقال: عزم عزيمة، وقطع قطيعة.
واختلف المفسرون في البقية- ما هي؟ فقال هي عصا ابن عباس: موسى ورضاض [ ص: 10 ] الألواح. وقال هي عصا الربيع: موسى وأمور من التوراة. وقال هي التوراة والعصا ورضاض الألواح. عكرمة:
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
ومعنى هذا ما روي من أن موسى لما جاء قومه بالألواح فوجدهم قد عبدوا العجل ألقى الألواح غضبا فتكسرت، فنزع منها ما بقي صحيحا، وأخذ رضاض ما تكسر فجعل في التابوت. وقال أبو صالح: البقية عصا موسى وعصا هارون، ولوحان من التوراة، والمن، وقال هي عصا عطية بن سعد: موسى، وعصا هارون وثيابهما ورضاض الألواح.
وقال من الناس من يقول: البقية قفيز من، ورضاض الألواح، ومنهم من يقول: العصا والنعلان. وقال الثوري: البقية: الجهاد وقتال الأعداء. الضحاك:
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
أي الأمر بذلك في التابوت، إما أنه مكتوب فيه، وإما أن نفس الإتيان به هو كالأمر بذلك، وأسند الترك إلى آل موسى وهارون من حيث كان الأمر مندرجا من قوم إلى قوم، وكلهم آل لموسى وهارون. وآل الرجل قرابته وأتباعه. وقال ابن عباس، والسدي، حمل الملائكة هو سوقها التابوت دون شيء يحمله سواها حتى وضعته بين يدي بني إسرائيل وهم ينظرون إليه بين السماء والأرض- وقال وابن زيد: وهب بن منبه عن بعض أشياخهم-: حملها إياه هو سوقها الثورين أو البقرتين اللتين جرتا العجلة، ثم قرر تعالى أن مجيء التابوت آية لهم إن كانوا ممن يؤمن ويبصر بعين حقيقة.
والثوري-