قوله عز وجل:
فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أإنك لمن المصدقين أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون
هذا التساؤل الذي بين أهل الجنة هو تساؤل راحة وتنعم، يتذكرون أمورهم في الجنة وأمر الدنيا وحال الطاعة والإيمان فيها، ثم أخبر الله تعالى عن قول قائل منهم في قصته، فهو مثال لكل من له قرين سوء، يعطي هذا المثال التحفظ من قرناء السوء، واستشعار معصيتهم، وعبر عن قول هذا الرجل بالمضي من حيث كان أمرا متيقنا حاصلا لا محالة. وقال وغيره: كان هذان من البشر مؤمن وكافر، وقالت فرقة: هما اللذان ذكر الله تعالى في قوله: ابن عباس ليتني لم أتخذ فلانا خليلا ، وقال : كان إنسيا وجنيا من الشياطين الكفرة، والأول أصوب. وقرأ الجمهور: "من المصدقين" بتخفيف الصاد، من التصديق، وقرأت فرقة بالتشديد للصاد، من التصدق. مجاهد
وقال فرات بن ثعلبة البهراني في قصص هذين: إنهما كانا شريكين بثمانية آلاف [ ص: 287 ] دينار، فكان أحدهما يعبد الله ويقصد من التجارة والنظر، وكان الآخر كافرا مقبلا على ماله، فحل الشركة مع المؤمن وبقي وحده لتقصير المؤمن، ثم إنه جعل كلما اشترى - شيئا من دار وجارية وبستان ونحوه - عرضه على ذلك المؤمن وفخر عليه، فيمضي المؤمن عند ذلك ويتصدق بنحو ذلك الثمن ليشتري به من الله في الجنة، فكان من أمرهما في الآخرة ما تضمنته هذه الآية. قال : وهذا الحديث يؤيد قراءة التشديد. و"مدينون" معناه: مجازون محاسبون، قاله الطبري ، ابن عباس ، وقتادة . والدين: الجزاء، وقد تقدم. والسدي