قوله عز وجل:
ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا
قال قتادة، وغيرهما: معنى الآية: إذا دعوا أن يشهدوا فيتقيد حق بشهادتهم، وفي هذا المعنى نزلت لأنه كان يطوف الرجل في القوم الكثير يطلب من يشهد له فيتحرجون هم عن الشهادة فلا يقوم معه أحد فنزلت الآية في ذلك. والربيع،
وقال الآية جمعت أمرين - لا تأب إذا دعيت إلى تحصيل الشهادة، ولا إذا دعيت إلى أدائها، وقاله الحسن بن أبي الحسن: ابن عباس:
وقال معنى الآية - لا تأب إذا دعيت إلى أداء شهادة قد حصلت عندك. [ ص: 120 ] وأسند مجاهد: إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر الآية بهذا. قال النقاش فأما إذا دعيت لتشهد أولا فإن شئت فاذهب، وإن شئت فلا تذهب، وقاله: مجاهد: لاحق بن حميد، وعطاء، وإبراهيم، وابن جبير، والسدي، وغيرهم. وابن زيد،
والآية كما قال جمعت أمرين على جهة الندب، فالمسلمون مندوبون إلى معونة إخوانهم، فإذا كانت الفسحة لكثرة الشهود والأمن من تعطيل الحق فالمدعو مندوب، وله أن يتخلف لأدنى عذر، وإن تخلف لغير عذر فلا إثم عليه، ولا ثواب له، وإذا كانت الضرورة، وخيف تعطل الحق أدنى خوف قوي الندب، وقرب من الوجوب. وإذا علم أن الحق يذهب ويتلف بتأخر الشاهد عن الشهادة فواجب عليه القيام بها، لا سيما إن كانت محصلة، وكان الدعاء إلى أدائها، فإن هذا الظرف آكد، لأنها قلادة في العنق، وأمانة تقتضي الأداء. الحسن
ولا تسأموا معناه تملوا، و صغيرا أو كبيرا حالان من الضمير في: تكتبوه ، وقدم الصغير اهتماما به، وهذا النهي عن السآمة إنما جاء لتردد المداينة عندهم، فخيف عليهم أن يملوا الكتب.
و ( أقسط ) معناه أعدل، وهذا أفعل من الرباعي، وفيه شذوذ، فانظر هل هي من [ ص: 121 ] قسط بضم السين كما تقول: أكرم من كرم. يقال: أقسط بمعنى عدل، وقسط بمعنى جار، ومنه قوله تعالى: وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ومن قدر قوله: وأقوم للشهادة بمعنى وأشد إقامة فذلك أيضا أفعل من الرباعي، ومن قدرها من قام بمعنى: اعتدل زال عن الشذوذ، "وأدنى" معناه: أقرب و"ترتابوا" معناه: تشكوا، وقرأ "يسأموا ، ويكتبوه ويرتابوا" كلها بالياء على الحكاية عن الغائب. أبو عبد الرحمن السلمي.