قوله تعالى:
ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا
الضمير في "ودوا" عائد على المنافقين، وهذا كشف من الله لخبث معتقدهم، وتحذير للمؤمنين منهم، والمعنى: تمنوا كفركم، وهي غاية المصائب بكم، هذا الود منهم يحتمل أن يكون عن حسد منهم لهم على ما يرون للمؤمنين من ظهور في الدنيا فتجري الآية: مع ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم، ويحتمل أمر المنافقين أن يكون أنهم رأوا المؤمنين على غير شيء فودوا رجوعهم إلى عبادة الأصنام، والأول أظهر.
وقوله: "فلا تتخذوا" الآية، هذا نهي عن موالاتهم حتى يهاجروا، لأن الهجرة في سبيل الله تتضمن الإيمان، و"في سبيل الله" معناه: في طريق مرضاة الله، لأن سبل الله كثيرة، وهي طاعاته كلها، المعنى: فإن أعرضوا عن الهجرة وتولوا عن الإيمان فخذوهم، وهذا أمر بالحمل عليهم، ومجاهرتهم بالقتال.