فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما
ذهب جمهور العلماء إلى أن هذا الذكر المأمور به إنما هو إثر صلاة الخوف؛ على حد ما أمروا عند قضاء المناسك بذكر الله ؛ فهو ذكر باللسان.
وذهب قوم إلى أن "قضيتم"؛ بمعنى: فعلتم؛ أي: إذا تلبستم بالصلاة فلتكن على هذه الهيئات؛ بحسب الضرورات؛ المرض؛ وغيره؛ وبحسب هذه الآية رتب ابن المواز فقال: "يصلي قاعدا؛ فإن لم يطق فعلى جنبه الأيمن؛ فإن لم يطق فعلى الأيسر؛ فإن لم يطق فعلى الظهر"؛ ومذهب صلاة المريض؛ في "المدونة" التخيير؛ لأنه قال: فعلى جنبه؛ أو على ظهره؛ وحكى مالك عن ابن حبيب ابن القاسم أنه قال: "يبتدئ بالظهر؛ ثم بالجنب"؛ قال : "وهو وهم"؛ قال ابن حبيب اللخمي: "وليس بوهم؛ بل هو أحكم في استقبال القبلة"؛ وقال "يصلي على جنبه الأيمن؛ كما يجعل في قبره؛ فإن لم يقدر فعلى ظهره". سحنون:
[ ص: 15 ] و"الطمأنينة" في الآية: "سكون النفس من الخوف؛ وقال بعض المتأولين: المعنى: "فإذا رجعتم من سفركم إلى الحضر فأقيموها تامة؛ أربعا".
وقوله تعالى : كتابا موقوتا ؛ معناه: "منجما في أوقات؛ هذا ظاهر اللفظ"؛ وروي عن أن المعنى: "فرضا مفروضا؛ فهما لفظان بمعنى واحد؛ كرر مبالغة". ابن عباس
وقوله تعالى : ولا تهنوا في ابتغاء القوم ؛ يبين أن القضاء المشار إليه قبل إنما هو قضاء صلاة الخوف؛ و "تهنوا" معناه: تلينوا, وتضعفوا. "حبل واهن": أي: ضعيف؛ ومنه: "وهن العظم"؛ و "ابتغاء القوم": طلبهم.
وقرأ : "أن تكونوا"؛ بفتح الألف؛ وقرأ عبد الرحمن الأعرج ؛ يحيى بن وثاب ومنصور بن المعتمر: "تئلمون"؛ في الثلاثة؛ وهي لغة؛ وهذا تشجيع لنفوس المؤمنين؛ وتحقير لأمر الكفرة؛ ومن نحو هذا المعنى قول الشاعر:
القوم أمثالكم لهم شعر ... في الرأس لا ينشرون إن قتلوا
ثم تأكد التشجيع بقوله تعالى : وترجون من الله ما لا يرجون ؛ وهذا برهان بين؛ ينبغي بحسبه أن تقوى نفوس المؤمنين؛ وباقي الآية بين.