قوله - عز وجل -:
ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين
القول في هذه الآية - في المعنى؛ وترتيب التقسيم - كالقول المتقدم في قوله - سبحانه -: من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ؛ وكأنه قال: "أأنتم الذين تدعون أن الله حرم خصائص من هذه الأنعام؟ فلا يخلو تحريمه من أن يكون في الذكرين؛ أو فيما اشتملت عليه أرحام الأنثيين؛ لكنه لم يحرم؛ لا هذا؛ ولا هذا؛ فلم يبق إلا أنه لم يقع تحريم".
وقوله تعالى أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا ؛ الآية؛ استفهام على جهة التوبيخ؛ إذ لم يبق لهم الادعاء المحال؛ والتقول أنهم شاهدوا وصية الله تعالى لهم بهذا.
و"شهداء"؛ جمع "شهيد"؛ ثم تضمن قوله تعالى "فمن أظلم"؛ ذكر حال مفتري الكذب على الله تعالى ؛ وتقرير إفراط ظلمه. وقال : كان الذين سيبوا وبحروا يقولون: الله تعالى أمرنا بهذا؛ ثم بين تعالى سوء مقصدهم بالافتراء؛ لأنه لو افترى أحد فرية على الله لغير معنى لكان ظلما عظيما؛ فكيف إذا قصد بها إضلال أمة؟ وقد يحتمل أن تكون اللام في "ليضل"؛ لام صيرورة. السدي
ثم جزم الحكم - لا رب غيره - بأنه لا يهدي القوم الظالمين؛ أي: "لا يرشدهم"؛ وهذا عموم في الظاهر؛ وقد تبين تخصيصه مما يقتضيه الشرع من أن الله تعالى يهدي ظلمة كثيرة بالتوبة.