قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=19647_19995_28650_29509_29786_34380_34513_28979nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=2إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون nindex.php?page=treesubj&link=23465_28633_844_28979nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=3الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون nindex.php?page=treesubj&link=30401_30538_34135_34141_34513_28979nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=4أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم
"إنما" لفظ لا تفارقه المبالغة والتأكيد حيث وقع، ويصلح مع ذلك للحصر، فإذا دخل في قصة وساعد معناها على الانحصار صح ذلك وترتب كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110أنما إلهكم إله واحد وغير ذلك من الأمثلة، وإذا كانت القصة لا تتأتى للانحصار بقيت "إنما" للمبالغة والتأكيد فقط، كقوله عليه الصلاة والسلام:
nindex.php?page=hadith&LINKID=659999 "إنما الربا في النسيئة" ، وكقولهم: "إنما الشجاع عنترة" ، وأما من قال: "إنما" هي لبيان الموصوف، فهي عبارة فاترة، إذ بيان الموصوف يكون في مجرد الإخبار دون "إنما". وقوله سبحانه هاهنا
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=2إنما المؤمنون ظاهرها أنها للمبالغة والتأكيد فقط، أي:الكاملون.
و
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=2وجلت معناه: فزعت ورقت وخافت، وبهذه المعاني فسرت العلماء. وقرأ
[ ص: 136 ] nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : (فرقت) ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب : (فزعت). يقال: وجل يوجل وياجل وييجل -وهي شاذة- وييجل بكسر الياء الأولى، ووجه هذه أنهم لما أبدلوا الواو ياء لم يكن لذلك وجه قياس فكسروا الياء الأولى ليجيء بدل الواو ياء لعلة، حكى هذه اللغات الأربع
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه رحمه الله. و ( تليت ) معناه: سردت وقرئت، والآيات هنا: القرآن المتلو، وزيادة الإيمان على وجوه كلها خارج عن نفس التصديق، منها أن المؤمن إذا كان لم يسمع حكما من أحكام الله في القرآن فنزل على النبي صلى الله عليه وسلم فسمعه فآمن به زاد إيمانا إلى سائر ما قد آمن به، إذ لكل حكم تصديق خاص به، وهذا يترتب فيمن بلغه ما لم يكن عنده من الشرع إلى يوم القيامة، وتترتب
nindex.php?page=treesubj&link=28650زيادة الإيمان بزيادة الدلائل، ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : الإيمان يزيد ولا ينقص، وتترتب زيادة الأعمال البرة على قول من يرى لفظة الإيمان واقعة على التصديق والطاعات، وهؤلاء يقولون: يزيد وينقص.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=2وعلى ربهم يتوكلون عبارة جامعة لمصالح الدنيا والآخرة إذا اعتبرت وعمل بحسبها في أن يمتثل الإنسان ما أمر به ويبلغ في ذلك أقصى جهده دون عجز، وينتظر بعدما تكفل له به من نصر أو رزق أو غيره.
وهذه أوصاف جميلة وصف الله بها فضلاء المؤمنين، فجعلها غاية للأمة ليستبق إليها الأفاضل، ثم أتبع ذلك عدهم ووسمهم بإقامة الصلاة، ومدحهم بها حضا على ذلك.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=3ومما رزقناهم ينفقون قال جماعة من المفسرين: هي الزكاة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وإنما حملهم على ذلك اقتران الكلام بإقامة الصلاة وإلا فهو لفظ عام في الزكاة ونوافل الخير وصلات المستحقين، ولفظ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما في هذا المعنى محتمل.
[ ص: 137 ] وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=4أولئك هم المؤمنون حقا يريد: كل المؤمنين، و"حقا" مصدر مؤكد، كذا نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وهو المصدر غير المتنقل، والعامل فيه أحق ذلك حقا. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=4درجات ظاهره -وهو قول الجمهور- أن المراد: مراتب الجنة ومنازلها، ودرجتها على قدر أعمالهم. وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أنها درجات أعمال الدنيا. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=4ورزق كريم يريد به: مآكل الجنة ومشاربها، و"كريم" صفة تقتضي رفع المذام كقولك: ثوب كريم وحسب كريم.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=19647_19995_28650_29509_29786_34380_34513_28979nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=2إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ nindex.php?page=treesubj&link=23465_28633_844_28979nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=3الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ nindex.php?page=treesubj&link=30401_30538_34135_34141_34513_28979nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=4أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
"إِنَّمَا" لَفْظٌ لَا تُفَارِقُهُ الْمُبَالَغَةُ وَالتَّأْكِيدُ حَيْثُ وَقَعَ، وَيَصْلُحُ مَعَ ذَلِكَ لِلْحَصْرِ، فَإِذَا دَخَلَ فِي قِصَّةٍ وَسَاعَدَ مَعْنَاهَا عَلَى الِانْحِصَارِ صَحَّ ذَلِكَ وَتَرَتَّبَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=110أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْثِلَةِ، وَإِذَا كَانَتِ الْقِصَّةُ لَا تَتَأَتَّى لِلِانْحِصَارِ بَقِيَتْ "إِنَّمَا" لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّأْكِيدِ فَقَطْ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=659999 "إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ" ، وَكَقَوْلِهِمْ: "إِنَّمَا الشُّجَاعُ عَنْتَرَةُ" ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: "إِنَّمَا" هِيَ لِبَيَانِ الْمَوْصُوفِ، فَهِيَ عِبَارَةٌ فَاتِرَةٌ، إِذْ بَيَانُ الْمَوْصُوفِ يَكُونُ فِي مُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ دُونَ "إِنَّمَا". وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ هَاهُنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=2إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ ظَاهِرُهَا أَنَّهَا لِلْمُبَالَغَةِ وَالتَّأْكِيدِ فَقَطْ، أَيِ:الْكَامِلُونَ.
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=2وَجِلَتْ مَعْنَاهُ: فَزِعَتْ وَرَقَّتْ وَخَافَتْ، وَبِهَذِهِ الْمَعَانِي فَسَّرَتِ الْعُلَمَاءُ. وَقَرَأَ
[ ص: 136 ] nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : (فَرِقَتْ) ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ : (فَزِعَتْ). يُقَالُ: وَجَلَ يَوْجَلُ وَيَاجَلَ وَيَيْجَلُ -وَهِيَ شَاذَّةٌ- وَيِيجَلُ بِكَسْرِ الْيَاءِ الْأُولَى، وَوَجْهُ هَذِهِ أَنَّهُمْ لَمَّا أَبْدَلُوا الْوَاوَ يَاءً لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ وَجْهُ قِيَاسٍ فَكَسَرُوا الْيَاءَ الْأُولَى لِيَجِيءَ بَدَلَ الْوَاوِ يَاءٌ لِعِلَّةٍ، حَكَى هَذِهِ اللُّغَاتِ الْأَرْبَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَ ( تُلِيَتْ ) مَعْنَاهُ: سُرِدَتْ وَقُرِئَتْ، وَالْآيَاتُ هُنَا: الْقُرْآنُ الْمَتْلُوُّ، وَزِيَادَةُ الْإِيمَانِ عَلَى وُجُوهٍ كُلُّهَا خَارِجٌ عَنْ نَفْسِ التَّصْدِيقِ، مِنْهَا أَنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ لَمْ يَسْمَعْ حُكْمًا مِنْ أَحْكَامِ اللَّهِ فِي الْقُرْآنِ فَنَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَهُ فَآمَنَ بِهِ زَادَ إِيمَانًا إِلَى سَائِرِ مَا قَدْ آمَنَ بِهِ، إِذْ لِكُلِّ حُكْمٍ تَصْدِيقٌ خَاصٌّ بِهِ، وَهَذَا يَتَرَتَّبُ فِيمَنْ بَلَغَهُ مَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنَ الشَّرْعِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَتَتَرَتَّبُ
nindex.php?page=treesubj&link=28650زِيَادَةُ الْإِيمَانِ بِزِيَادَةِ الدَّلَائِلِ، وَلِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : الْإِيمَانُ يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، وَتَتَرَتَّبُ زِيَادَةُ الْأَعْمَالِ الْبَرَّةِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى لَفْظَةَ الْإِيمَانِ وَاقِعَةً عَلَى التَّصْدِيقِ وَالطَّاعَاتِ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: يَزِيدُ وَيَنْقُصُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=2وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ عِبَارَةٌ جَامِعَةٌ لِمَصَالِحِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِذَا اعْتُبِرَتْ وَعُمِلَ بِحَسَبِهَا فِي أَنْ يَمْتَثِلَ الْإِنْسَانُ مَا أُمِرَ بِهِ وَيَبْلُغُ فِي ذَلِكَ أَقْصَى جُهْدِهِ دُونَ عَجْزٍ، وَيَنْتَظِرُ بَعْدَمَا تَكَفَّلَ لَهُ بِهِ مِنْ نَصْرٍ أَوْ رِزْقٍ أَوْ غَيْرِهِ.
وَهَذِهِ أَوْصَافٌ جَمِيلَةٌ وَصَفَ اللَّهُ بِهَا فُضَلَاءَ الْمُؤْمِنِينَ، فَجَعَلَهَا غَايَةً لِلْأُمَّةِ لِيَسْتَبِقَ إِلَيْهَا الْأَفَاضِلُ، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ عَدَّهُمْ وَوَسْمَهُمْ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَمَدْحَهُمْ بِهَا حَضًّا عَلَى ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=3وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: هِيَ الزَّكَاةُ.
قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَإِنَّمَا حَمَلَهُمْ عَلَى ذَلِكَ اقْتِرَانُ الْكَلَامِ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَهُوَ لَفْظٌ عَامٌّ فِي الزَّكَاةِ وَنَوَافِلِ الْخَيْرِ وَصِلَاتِ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَلَفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي هَذَا الْمَعْنَى مُحْتَمَلٌ.
[ ص: 137 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=4أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا يُرِيدُ: كُلَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَ"حَقًّا" مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ، كَذَا نَصَّ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَهُوَ الْمَصْدَرُ غَيْرُ الْمُتَنَقِّلِ، وَالْعَامِلُ فِيهِ أَحُقُّ ذَلِكَ حَقًّا. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=4دَرَجَاتٌ ظَاهِرُهُ -وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ- أَنَّ الْمُرَادَ: مَرَاتِبُ الْجَنَّةِ وَمَنَازِلُهَا، وَدَرَجَتُهَا عَلَى قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ. وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ أَنَّهَا دَرَجَاتُ أَعْمَالِ الدُّنْيَا. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=4وَرِزْقٌ كَرِيمٌ يُرِيدُ بِهِ: مَآكِلَ الْجَنَّةِ وَمَشَارِبَهَا، وَ"كَرِيمٌ" صِفَةٌ تَقْتَضِي رَفْعَ الْمَذَامِّ كَقَوْلِكَ: ثَوْبٌ كِرِيمٌ وَحَسَبٌ كَرِيمٌ.