[ ص: 37 ] باب ذكر وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره جمع القرآن
كان القرآن في مدة رسول الله صلى الله عليه وسلم متفرقا في صدور الرجال، وقد كتب الناس منه في صحف، وفي جريد، وظرر وفي لخاف وفي خزف وغير ذلك، فلما استحر القتل بالقراء يوم اليمامة أشار على عمر بن الخطاب رضي الله [ ص: 38 ] عنهما بجمع القرآن، مخافة أن يموت أشياخ القراءة أبي بكر الصديق كأبي وزيد فيذهب، فندبا إلى ذلك وابن مسعود فجمعه غير مرتب السور بعد تعب شديد منه رضي الله عنه. زيد بن ثابت
وروي أن في هذا الجمع سقطت الآية من آخر براءة حتى وجدها عند وحكى خزيمة بن ثابت. أنه إنما سقطت له في الجمع الأخير، والأول أصح. وهو الذي حكى الطبري إلا أنه قال فيه مع البخاري أبي خزيمة الأنصاري، وقال: إن في الجمع الثاني فقد آية من سورة الأحزاب: زيد من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه [الأحزاب: 33] فوجدها مع وبقيت الصحف عند خزيمة بن ثابت، ثم عند أبي بكر، بعده، ثم عند عمر بن الخطاب حفصة بنته في خلافة وانتشرت في خلال ذلك صحف في الآفاق كتبت عن الصحابة كمصحف عثمان، وما كتب عن الصحابة بالشام ومصحف ابن مسعود وغير ذلك، وكان في ذلك اختلاف حسب السبعة الأحرف التي أنزل القرآن عليها. أبي
فلما قدم من غزوة حذيفة أرمينية حسبما قد ذكرناه انتدب لجمع المصحف وأمر عثمان بجمعه، وقرن زيد بن ثابت فيما ذكر بزيد ثلاثة من قريش: البخاري سعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وكذلك ذكر وعبد الله بن الزبير، وغيرهما. الترمذي
وقال فيما روي: إنه قرن الطبري بزيد وحده، وهذا ضعيف. أبان بن سعيد بن العاص
وقال أيضا: إن الصحف التي كانت عند الطبري حفصة جعلت إماما في هذا الجمع الأخير. وروي أن رضي الله عنه قال [ ص: 39 ] لهم: «إذا اختلفتم في شيء فاجعلوه بلغة قريش»، فاختلفوا في التابوه والتابوت، قرأه عثمان بالهاء والقرشيون بالتاء، فأثبته بالتاء، وكتب المصحف على ما هو عليه غابر الدهر ونسخ زيد بن ثابت منه نسخا ووجه بها إلى الآفاق، وأمر بما سواها من المصاحف أن تحرق أو تخرق، وتروى بالحاء غير منقوطة، وتروى بالخاء على معنى: ثم تدفن. ورواية الحاء غير منقوطة أحسن. عثمان
قال القاضي أبو بكر بن الطيب: وترتيب السور اليوم هو من تلقاء ومن [ ص: 40 ] كان معه مع مشاركة من زيد رضي الله عنه في ذلك، وقد ذكر ذلك عثمان رحمه الله في تفسير سورة «براءة». وذكر أن ترتيب الآيات في السور ووضع البسملة في الأوائل هو من النبي صلى الله عليه وسلم، ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة. مكي
هذا أحد ما قيل في براءة، وذلك مستقصى في موضعه موفى إن شاء الله تعالى. وظاهر الآثار أن السبع الطول والحواميم والمفصل كان مرتبا في زمن النبي عليه السلام، وكان في السور ما لم يرتب، فذلك هو الذي رتب وقت الكتب.
وأما شكل المصحف ونقطه فروي أن أمر به وعمله فتجرد لذلك عبد الملك بن مروان الحجاج بواسط وجد فيه وزاد تحزيبه وأمر وهو والي العراق الحسن بذلك، وألف إثر ذلك ويحيى بن يعمر بواسط كتابا في القراءات، جمع فيه ما روي من اختلاف الناس فيما وافق الخط، ومشى الناس على ذلك زمانا طويلا إلى أن ألف ابن مجاهد كتابه في القراءات. وأسند في كتاب الطبقات إلى الزبيدي أن أول من نقط المصحف المبرد وذكر أيضا أن أبو الأسود [ ص: 41 ] الدؤلي كان له مصحف نقطه له ابن سيرين يحيى بن يعمر.
وذكر أبو الفرج أن زياد بن أبي سفيان أمر بنقط المصاحف. أبا الأسود
وذكر في كتاب الأمصار أن الجاحظ نصر بن عاصم أول من نقط المصاحف وكان يقال له نصر الحروف.
وأما وضع الأعشار فيه فمر بي في بعض التواريخ أن أمر بذلك وقيل: إن المأمون العباسي فعل ذلك. الحجاج
وذكر عن أبو عمرو الداني أنه قال: بدأوا فنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا، وهذا كالإنكار. قتادة