قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=28760_30550_32062_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون nindex.php?page=treesubj&link=24262_32409_34272_34336_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=12وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : "نزلت في
nindex.php?page=treesubj&link=19739_28861دعاء الرجل على نفسه أو ماله أو ولده ونحو هذا، فأخبر الله تعالى أنه لو فعل مع الناس في إجابته إلى المكروه مثل ما يريدون فعله معهم في إجابته إلى الخير لأهلكهم، ثم حذف بعد ذلك من القول جملة يتضمنها الظاهر تقديرها: ولا يفعل ذلك ولكن يذر الذين لا يرجون، فاقتضب القول وتوصل إلى هذا المعنى بقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11فنذر الذين لا يرجون لقاءنا ، فتأمل هذا التقدير تجده صحيحا، و
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11استعجالهم نصب على المصدر، والتقدير: مثل استعجالهم، وقيل: التقدير: تعجيلا مثل استعجالهم، وهذا قريب من الأول. وقيل: إن هذه الآية نزلت في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ،
[ ص: 458 ] وقيل: نزلت في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=77ائتنا بما تعدنا وما جرى مجراه.
وقرأ جمهور القراء: "لقضي" على بناء الفعل للمفعول ورفع "الأجل" ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر وحده،
وعوف، nindex.php?page=showalam&ids=16748وعيسى بن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=17379ويعقوب: "لقضى" على بناء الفعل للفاعل ونصب "الأجل"، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : "لقضينا" ، والأجل -في هذا الموضع- أجل الموت، ومعنى "قضى" في هذه الآية: أكمل وفرغ، ومنه قول
أبي ذؤيب :
وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ تبع
وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي في هذا المعنى:
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها ... فوائح في أكمامها لم تفتق
وتعدى "قضى" في هذه الآية بـ "إلى" لما كان بمعنى: فرغ، وفرغ يتعدى بإلى ويتعدى باللام، فمن ذلك قول
جرير :
ألآن فقد فرغت إلى نمير ... فصرت على جماعتها عذابا
[ ص: 459 ] ومن الآخر قوله عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=31سنفرغ لكم أيه الثقلان ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : "فنذر الذين لا يرجون لقاءنا" ، و"يرجون" في هذا الموضع على بابها، والمراد
nindex.php?page=treesubj&link=28760الذين لا يؤمنون بالبعث فهم لا يرجون لقاء الله، والرجاء مقترن أبدا بخوف، والطغيان: الغلو في الأمر وتجاوز الحد، والعمه: الخبط في ضلال، فهذه الآية نزلت ذامة لخلق ذميم هو في الناس، يدعون في الخير فيريدون تعجيل الإجابة فيحملهم أحيانا سوء الخلق على الدعاء في الشر، فلو عجل لهم لهلكوا.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=12وإذا مس الإنسان الضر الآية، هذه الآية أيضا عتاب على سوء الخلق من بعض الناس، ومضمنه النهي عن مثل هذا، والأمر بالتسليم إلى الله تعالى والضراعة إليه في كل حال، والعلم بأن الخير والشر منه لا رب غيره، وقوله: "لجنبه" في موضع حال، كأنه قال: مضطجعا، ويجوز أن يكون حالا من "الإنسان" ، والعامل فيه "مس"، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل في "دعانا" والعامل فيه "دعا" وهما معنيان متباينان. و"الضر" لفظ عام لجميع الأمراض والرزايا في النفس والمال والأحبة، هذا قول اللغويين، وقيل: هو مختص برزايا البدن: الهزال والمرض، وقوله: "مر" يقتضي أن نزولها في الكفار ثم هي بعد تتناول كل من دخل تحت معناها من كافر أو عاص، فمعنى الآية: مر في إشراكه بالله وقلة توكله عليه، وقوله: "زين" إن قدرناه من الله تبارك وتعالى فهو خلقه الكفر لهم واختراعه في نفوسهم صحبة أعمالهم الفاسدة ومثابرتهم عليها، وإن قدرنا ذلك من الشيطان فهو بمعنى الوسوسة والمخادعة، ولفظة التزيين قد جاءت في القرآن بهذين المعنيين مرة من فعل الله تعالى ومرة من فعل الشياطين.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=28760_30550_32062_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ nindex.php?page=treesubj&link=24262_32409_34272_34336_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=12وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : "نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=19739_28861دُعَاءِ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ وَنَحْوِ هَذَا، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ مَعَ النَّاسِ فِي إِجَابَتِهِ إِلَى الْمَكْرُوهِ مِثْلَ مَا يُرِيدُونَ فِعْلَهُ مَعَهُمْ فِي إِجَابَتِهِ إِلَى الْخَيْرِ لِأَهْلَكَهُمْ، ثُمَّ حَذَفَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ جُمْلَةً يَتَضَمَّنُهَا الظَّاهِرُ تَقْدِيرُهَا: وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَذْرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ، فَاقْتُضِبَ الْقَوْلُ وَتُوُصِّلَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ، فَتَأَمَّلْ هَذَا التَّقْدِيرَ تَجِدْهُ صَحِيحًا، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=11اسْتِعْجَالَهُمْ نَصْبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَالتَّقْدِيرُ: مِثْلَ اسْتِعْجَالِهِمْ، وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: تَعْجِيلًا مِثْلَ اسْتِعْجَالِهِمْ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ. وَقِيلَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنْ السَّمَاءِ ،
[ ص: 458 ] وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=77ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ.
وَقَرَأَ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ: "لَقُضِيَ" عَلَى بِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ وَرَفْعِ "الْأَجَلُ" ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابْنُ عَامِرٍ وَحْدَهُ،
وَعَوْفٌ، nindex.php?page=showalam&ids=16748وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17379وَيَعْقُوبُ: "لَقَضَى" عَلَى بِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْفَاعِلِ وَنَصْبِ "الْأَجَلَ"، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : "لَقَضَيْنَا" ، وَالْأَجْلُ -فِي هَذَا الْمَوْضِعِ- أَجْلُ الْمَوْتِ، وَمَعْنَى "قَضَى" فِي هَذِهِ الْآيَةِ: أَكْمَلَ وَفَرَغَ، وَمِنْهُ قَوْلُ
أَبِي ذُؤَيْبٍ :
وَعَلَيْهِمَا مَسْرُودَتَانِ قَضَاهُمَا ... دَاوُدُ أَوْ صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعُ
وَأَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12095أَبُو عَلِيٍّ فِي هَذَا الْمَعْنَى:
قَضَيْتُ أُمُورًا ثُمَّ غَادَرْتُ بَعْدَهَا ... فَوَائِحَ فِي أَكْمَامِهَا لَمْ تُفَتَّقِ
وَتَعَدَّى "قَضَى" فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِـ "إِلَى" لَمَّا كَانَ بِمَعْنَى: فَرَغَ، وَفَرَغَ يَتَعَدَّى بِإِلَى وَيَتَعَدَّى بِاللَّامِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ
جَرِيرٍ :
أَلْآنَ فَقَدْ فَرَغْتُ إِلَى نُمَيْرٍ ... فَصِرْتُ عَلَى جَمَاعَتِهَا عَذَابَا
[ ص: 459 ] وَمِنَ الْآخَرِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=31سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : "فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا" ، وَ"يَرْجُونَ" فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى بَابِهَا، وَالْمُرَادُ
nindex.php?page=treesubj&link=28760الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْبَعْثِ فَهُمْ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَ اللَّهِ، وَالرَّجَاءُ مُقْتَرِنٌ أَبَدًا بِخَوْفٍ، وَالطُّغْيَانُ: الْغُلُوُّ فِي الْأَمْرِ وَتَجَاوُزُ الْحَدِّ، وَالْعَمَهُ: الْخَبْطُ فِي ضَلَالٍ، فَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ ذَامَّةً لِخُلُقٍ ذَمِيمٍ هُوَ فِي النَّاسِ، يَدْعُونَ فِي الْخَيْرِ فَيُرِيدُونَ تَعْجِيلَ الْإِجَابَةِ فَيَحْمِلُهُمْ أَحْيَانًا سُوءُ الْخُلُقِ عَلَى الدُّعَاءِ فِي الشَّرِّ، فَلَوْ عَجَّلَ لَهُمْ لَهَلَكُوا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=12وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ الْآيَةُ، هَذِهِ الْآيَةُ أَيْضًا عِتَابٌ عَلَى سُوءِ الْخُلُقِ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ، وَمُضَمَّنُهُ النَّهْيُ عَنْ مِثْلِ هَذَا، وَالْأَمْرُ بِالتَّسْلِيمِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالضَّرَاعَةِ إِلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ، وَالْعِلْمُ بِأَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ مِنْهُ لَا رَبَّ غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ: "لِجَنْبِهِ" فِي مَوْضِعِ حَالٍ، كَأَنَّهُ قَالَ: مُضْطَجِعًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ "الْإِنْسَانِ" ، وَالْعَامِلُ فِيهِ "مَسَّ"، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي "دَعَانَا" وَالْعَامِلُ فِيهِ "دَعَا" وَهُمَا مَعْنَيَانِ مُتَبَايِنَانِ. وَ"الضُّرُّ" لَفْظٌ عَامٌّ لِجَمِيعِ الْأَمْرَاضِ وَالرَّزَايَا فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ وَالْأَحِبَّةِ، هَذَا قَوْلُ اللُّغَوِيِّينَ، وَقِيلَ: هُوَ مُخْتَصٌّ بِرَزَايَا الْبَدَنِ: الْهُزَالُ وَالْمَرَضُ، وَقَوْلُهُ: "مَرَّ" يَقْتَضِي أَنَّ نُزُولَهَا فِي الْكُفَّارِ ثُمَّ هِيَ بَعْدُ تَتَنَاوَلُ كُلَّ مَنْ دَخَلَ تَحْتَ مَعْنَاهَا مِنْ كَافِرٍ أَوْ عَاصٍ، فَمَعْنَى الْآيَةِ: مَرَّ فِي إِشْرَاكِهِ بِاللَّهِ وَقِلَّةِ تَوَكُّلِهِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: "زُيِّنَ" إِنْ قَدَّرْنَاهُ مِنَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَهُوَ خَلْقُهُ الْكُفْرَ لَهُمْ وَاخْتِرَاعُهُ فِي نُفُوسِهِمْ صُحْبَةَ أَعْمَالِهِمُ الْفَاسِدَةِ وَمُثَابَرَتِهِمْ عَلَيْهَا، وَإِنْ قَدَّرْنَا ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ فَهُوَ بِمَعْنَى الْوَسْوَسَةِ وَالْمُخَادَعَةِ، وَلَفْظَةُ التَّزْيِينِ قَدْ جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ مَرَّةً مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَرَّةً مِنْ فِعْلِ الشَّيَاطِينِ.