قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=19893_28723_30614_34091_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير nindex.php?page=treesubj&link=25987_28723_30525_33522_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=113ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون nindex.php?page=treesubj&link=1251_30496_32830_842_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين nindex.php?page=treesubj&link=19570_19573_19797_34141_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=115واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين
أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستقامة وهو عليها إنما هو أمر بالدوام والثبات، وهذا كما تأمر إنسانا بالمشي والأكل ونحوه وهو متلبس به. والخطاب بهذه الآية للنبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه الذين تابوا من الكفر، ولسائر أمته بالمعنى، وروي أن بعض العلماء رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له: يا رسول الله بلغنا عنك أنك قلت: "شيبتني
هود [ ص: 27 ] وأخواتها"، فما الذي شيبك من
هود؟ قال له: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112فاستقم كما أمرت .
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
والتأويل المشهور في قوله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=939419 "شيبتني هود وأخواتها" أنها إشارة إلى ما فيها مما حل بالأمم السابقة، فكان حذره على هذه الأمة مثل ذلك شيبه عليه الصلاة والسلام.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112أمرت مخاطبة تعظيم، وقوله: "ومن" معطوف على الضمير في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112فاستقم ، وحسن ذلك دون أن يؤكد لطول الكلام بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112كما أمرت . و
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112ولا تطغوا معناه: ولا تتجاوزوا حدود الله تعالى، و الطغيان: تجاوز الحد، ومنه قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11طغى الماء ، وقوله في
فرعون: "إنه طغى" ، وقيل في هذه: معناه: ولا تطغينكم النعم، وهذا كالأول. وقرأ الجمهور: "تعملون" بتاء، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : "يعملون" بياء من تحت.
وقرأ الجمهور: "ولا تركنوا" بفتح الكاف، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
والأشهب العقيلي، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ، فيما روى عنه
هارون - بضمها، وهو لغة، يقال: ركن يركن وركن يركن، ومعناه السكون إلى الشيء والرضا به، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية :
[ ص: 28 ] الركون: الرضا، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد : الركون: الإذعان.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
فالركون يقع على قليل هذا المعنى وكثيره، والنهي هنا يترتب من معنى الركون على الميل إليهم بالشرك معهم إلى أقل الرتب من ترك التغيير عليهم مع القدرة، و " الذين ظلموا" هنا هم الكفار، وهو النص للمتأولين، ويدخل بالمعنى أهل المعاصي.
وقرأ الجمهور: "فتمسكم" ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17340يحيى بن وثاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16588وعلقمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ، وابن مصرف،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة -فيما روي عنه-: "فتمسكم" بكسر التاء، وهي لغة في كسر العلامات الثلاث دون الياء التي للغائب، وقد جاء في الياء "ييجل" و"ييبى"، وعللت هذه بأن الياء التي وليت الأولى ردتها إلى الكسر.
وقوله تعالى: " أقم الصلاة " الآية. لم يختلف أحد في أن الصلاة في هذه الآية يراد بها الصلوات المفروضة، واختلف في "طرفي النهار وزلف الليل" -فقيل: الطرف الأول: الصبح، والثاني: الظهر والعصر، والزلف: المغرب والعشاء، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب القرظي. وروي
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المغرب والعشاء: "هما زلفتا الليل". وقيل: الطرف الأول: الصبح، والثاني: العصر، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك . والزلف: المغرب والعشاء، وليست الظهر في هذه الآية -على هذا القول- بل هي في غيرها. وقيل: الطرفان: الصبح والمغرب، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن أيضا، والزلف: العشاء، وليست الظهر والعصر في الآية. وقيل: الطرفان: الظهر والعصر، والزلف: المغرب والعشاء والصبح.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
كأن هذا القائل راعى جهر القراءة، والأول أحسن هذه الأقوال عندي، ورجح
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري أن الطرفين: الصبح والمغرب، وأنه الظاهر إلا أن عموم الصلوات الخمس بالآية أولى.
وقرأ الجمهور: "زلفا" بفتح اللام، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف ،
وابن محيصن ،
[ ص: 29 ] nindex.php?page=showalam&ids=16748وعيسى، nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر : "زلفا" بضم اللام كأنه اسم مفرد، وقرأ "زلفا" بسكون اللام
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، وقرأ أيضا: "زلفى" على وزن "فعلى"، وهي قراءة
ابن محيصن ، والزلف: الساعات القريب بعضها من بعض ومنه قول
العجاج: ناج طواه الأين مما وجفا
طي الليالي زلفا فزلفا
سماوة الهلال حتى احقوقفا
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114إن الحسنات يذهبن السيئات ذهب جمهور المتأولين من صحابة وتابعين إلى أن "الحسنات" يراد بها الصلوات الخمس، وإلى هذه الآية ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان رضي الله عنه عند وضوئه على المقاعد، وهو تأويل
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : الحسنات: قول الرجل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وهذا كله إنما هو على جهة المثال في الحسنات، ومن أجل أن
nindex.php?page=treesubj&link=24589الصلوات الخمس هي أعظم الأعمال. والذي يظهر أن لفظ الآية لفظ عام في الحسنات خاص في السيئات بقوله عليه الصلاة والسلام:
nindex.php?page=hadith&LINKID=689203 "ما اجتنبت الكبائر" . وروي
أن هذه الآية نزلت في رجل من الأنصار ، قيل: هو أبو اليسر بن عمرو، وقيل: اسمه عباد، خلا بامرأة فقبلها [ ص: 30 ] وتلذذ بها فيما دون الجماع، ثم جاء إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه فشكا إليه، فقال: قد ستر الله عليك فاستر على نفسك، فقلق الرجل فجاء nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر رضي الله عنه فشكا إليه، فقال له مثل مقالة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، فقلق الرجل فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى معه ثم أخبره وقال: اقض في ما شئت، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: لعلها زوجة غاز في سبيل الله، قال: نعم، فوبخه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ما أدري، فنزلت هذه الآية فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلاها عليه، فقال nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل: يا رسول الله، خاصة؟ قال: بل للناس عامة.
وروي أن الآية كانت نزلت قبل ذلك واستعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الرجل، وروي أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال ما حكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657352nindex.php?page=treesubj&link=24589_26391_2333 "الجمعة إلى الجمعة، والصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان- كفارة لما بينها إن اجتنبت الكبائر". فاختلف
أهل السنة في تأويل هذا الشرط في قوله: (إن اجتنبت الكبائر) - فقال جمهورهم: هو شرط في معنى الوعد كله، أي: إن اجتنبت الكبائر كانت العبادات المذكورة كفارة للذنوب، فإن لم تجتنب لم تكفر العبادات شيئا من الصغائر، وقالت فرقة: معنى قوله: "إن اجتنبت" أي: هي التي لا تحطها العبادات، فإنما شرط ذلك ليصح بشرطه عموم قوله: "ما بينهما"، وإن لم تجتنب لم تحطها العبادات وحطت الصغائر.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وبهذا أقول: وهو الذي يقتضيه حديث خروج الخطايا مع قطر الماء
[ ص: 31 ] وغيره، وذلك كله بشرط التوبة من تلك الصغائر وعدم الإصرار عليها، وهذا نص الحذاق الأصوليين، وعلى التأويل الأول تجيء هذه مخصوصة في مجتنبي الكبائر فقط.
وقوله:" ذلك" إشارة إلى الصلوات، ووصفها بـ "ذكرى"، أي: هي سبب ذكر وموضع ذكرى، ويحتمل أن يكون "ذلك: إشارة إلى الإخبار بأن الحسنات يذهبن السيئات، فتكون هذه الذكرى تحض على الحسنات، ويحتمل أن تكون الإشارة إلى جميع ما تقدم من الأوامر والنواهي في هذه السورة، وهو تفسير
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري .
ثم أمره تعالى بالصبر.
وجاءت هذه الآيات في نمط واحد: أعلمه الله تعالى أنه يوفي جميع الخلائق أعمالهم، المسيء والمحسن، ثم أمره بالاستقامة والمؤمنين معه، ثم أمره بإقامة الصلوات ووعد على ذلك، ثم أمره بالصبر على التبليغ والمكاره في ذات الله تبارك وتعالى، ثم وعد بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=115فإن الله لا يضيع أجر المحسنين .
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=19893_28723_30614_34091_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ nindex.php?page=treesubj&link=25987_28723_30525_33522_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=113وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=1251_30496_32830_842_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ nindex.php?page=treesubj&link=19570_19573_19797_34141_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=115وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ
أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالِاسْتِقَامَةِ وَهُوَ عَلَيْهَا إِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ بِالدَّوَامِ وَالثَّبَاتِ، وَهَذَا كَمَا تَأْمُرُ إِنْسَانًا بِالْمَشْيِ وَالْأَكْلِ وَنَحْوِهُ وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِهِ. وَالْخِطَابُ بِهَذِهِ الْآيَةِ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ تَابُوا مِنَ الْكُفْرِ، وَلِسَائِرِ أُمَّتِهِ بِالْمَعْنَى، وَرُوِيَ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ رَأَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْمِ فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَلَغَنَا عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ: "شَيَّبَتْنِي
هُودٌ [ ص: 27 ] وَأَخَوَاتُهَا"، فَمَا الَّذِي شَيَّبَكَ مِنْ
هُودٍ؟ قَالَ لَهُ: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ .
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَالتَّأْوِيلُ الْمَشْهُورُ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=939419 "شَيَّبَتْنِي هُودٌ وَأَخَوَاتُهَا" أَنَّهَا إِشَارَةٌ إِلَى مَا فِيهَا مِمَّا حَلَّ بِالْأُمَمِ السَّابِقَةِ، فَكَانَ حَذَرُهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِثْلَ ذَلِكَ شَيَّبَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112أُمِرْتَ مُخَاطَبَةُ تَعْظِيمٍ، وَقَوْلُهُ: "وَمَنْ" مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112فَاسْتَقِمْ ، وَحَسُنَ ذَلِكَ دُونَ أَنْ يُؤَكَّدَ لِطُولِ الْكَلَامِ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112كَمَا أُمِرْتَ . وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112وَلا تَطْغَوْا مَعْنَاهُ: وَلَا تَتَجَاوَزُوا حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى، و الطُّغْيَانُ: تَجَاوُزُ الْحَدِّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=11طَغَى الْمَاءُ ، وَقَوْلُهُ فِي
فِرْعَوْنَ: "إِنَّهُ طَغَى" ، وَقِيلَ فِي هَذِهِ: مَعْنَاهُ: وَلَا تُطْغِيَنَّكُمُ النِّعَمُ، وَهَذَا كَالْأَوَّلِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: "تَعْمَلُونَ" بِتَاءٍ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : "يَعْمَلُونَ" بِيَاءٍ مِنْ تَحْتٍ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: "وَلَا تَرْكَنُوا" بِفَتْحِ الْكَافِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ ،
وَالْأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ، nindex.php?page=showalam&ids=12114وَأَبُو عَمْرٍو ، فِيمَا رَوَى عَنْهُ
هَارُونُ - بِضَمِّهَا، وَهُوَ لُغَةٌ، يُقَالُ: رَكِنَ يَرْكَنُ وَرَكَنَ يَرْكُنُ، وَمَعْنَاهُ السُّكُونُ إِلَى الشَّيْءِ وَالرِّضَا بِهِ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أَبُو الْعَالِيَةِ :
[ ص: 28 ] الرُّكُونُ: الرِّضَا، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابْنُ زَيْدٍ : الرُّكُونُ: الْإِذْعَانُ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
فَالرُّكُونُ يَقَعُ عَلَى قَلِيلِ هَذَا الْمَعْنَى وَكَثِيرِهِ، وَالنَّهْيُ هُنَا يَتَرَتَّبُ مِنْ مَعْنَى الرُّكُونِ عَلَى الْمَيْلِ إِلَيْهِمْ بِالشِّرْكِ مَعَهُمْ إِلَى أَقَلِّ الرُّتَبِ مِنْ تَرْكِ التَّغْيِيرِ عَلَيْهِمْ مَعَ الْقُدْرَةِ، و " الَّذِينَ ظَلَمُوا" هُنَا هُمُ الْكُفَّارُ، وَهُوَ النَّصُّ لِلْمُتَأَوِّلِينَ، وَيَدْخُلُ بِالْمَعْنَى أَهْلُ الْمَعَاصِي.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: "فَتَمَسَّكُمُ" ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17340يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16588وَعَلْقَمَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ ، وَابْنُ مُصَرِّفٍ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وَحَمْزَةُ -فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ-: "فَتِمَسَّكُمْ" بِكَسْرِ التَّاءِ، وَهِيَ لُغَةٌ فِي كَسْرِ الْعَلَامَاتِ الثَّلَاثِ دُونَ الْيَاءِ الَّتِي لِلْغَائِبِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْيَاءِ "يِيجَلُ" و"يِيبَىُ"، وَعُلِّلَتْ هَذِهِ بِأَنَّ الْيَاءَ الَّتِي وَلِيَتِ الْأُولَى رَدَّتْهَا إِلَى الْكَسْرِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: " أَقِمِ الصَّلَاةَ " الْآيَةُ. لَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ فِي أَنَّ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يُرَادُ بِهَا الصَّلَوَاتُ الْمَفْرُوضَةُ، وَاخْتُلِفَ فِي "طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفِ اللَّيْلِ" -فَقِيلَ: الطَّرَفُ الْأَوَّلُ: الصُّبْحُ، وَالثَّانِي: الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ، وَالزُّلَفُ: الْمَغْرِبُ وَالْعَشَاءُ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ. وَرُوِيَ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ: "هُمَا زُلْفَتَا اللَّيْلِ". وَقِيلَ: الطَّرَفُ الْأَوَّلُ: الصُّبْحُ، وَالثَّانِي: الْعَصْرُ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكُ . وَالزُّلَفُ: الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ، وَلَيْسَتِ الظُّهْرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ -عَلَى هَذَا الْقَوْلِ- بَلْ هِيَ فِي غَيْرِهَا. وَقِيلَ: الطَّرَفَانِ: الصُّبْحُ وَالْمَغْرِبُ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ أَيْضًا، وَالزُّلَفُ: الْعِشَاءُ، وَلَيْسَتِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ فِي الْآيَةِ. وَقِيلَ: الطَّرَفَانِ: الظَّهْرُ وَالْعَصْرُ، وَالزُّلَفُ: الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَالصُّبْحُ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
كَأَنَّ هَذَا الْقَائِلَ رَاعَى جَهْرَ الْقِرَاءَةِ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدِي، وَرَجَّحَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ أَنَّ الطَّرَفَيْنِ: الصُّبْحُ وَالْمَغْرِبُ، وَأَنَّهُ الظَّاهِرُ إِلَّا أَنَّ عُمُومَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ بِالْآيَةِ أَوْلَى.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: "زُلَفًا" بِفَتْحِ اللَّامِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ ،
وَابْنُ مُحَيْصِنٍ ،
[ ص: 29 ] nindex.php?page=showalam&ids=16748وَعِيسَى، nindex.php?page=showalam&ids=12563وَابْنُ إِسْحَاقَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وَأَبُو جَعْفَرٍ : "زُلُفًا" بِضَمِّ اللَّامِ كَأَنَّهُ اسْمٌ مُفْرَدٌ، وَقَرَأَ "زُلْفًا" بِسُكُونِ اللَّامِ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ ، وَقَرَأَ أَيْضًا: "زُلْفَى" عَلَى وَزْنِ "فُعْلَى"، وَهِيَ قِرَاءَةُ
ابْنُ مُحَيْصِنٍ ، وَالزُّلَفُ: السَّاعَاتُ الْقَرِيبُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَمِنْهُ قَوْلُ
الْعَجَّاجِ: نَاجٍ طَوَاهُ الْأَيْنُ مِمَّا وَجَفَا
طَيَّ اللَّيَالِي زُلَفًا فَزُلَفَا
سَمَاوَةَ الْهِلَالِ حَتَّى احْقَوْقَفَا
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=114إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُتَأَوِّلِينَ مِنْ صَحَابَةٍ وَتَابِعِينَ إِلَى أَنَّ "الْحَسَنَاتِ" يُرَادُ بِهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَإِلَى هَذِهِ الْآيَةِ ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ وُضُوئِهِ عَلَى الْمَقَاعِدِ، وَهُوَ تَأْوِيلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : الْحَسَنَاتُ: قَوْلُ الرَّجُلِ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى جِهَةِ الْمِثَالِ فِي الْحَسَنَاتِ، وَمِنْ أَجْلِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24589الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ هِيَ أَعْظَمُ الْأَعْمَالِ. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَفْظَ الْآيَةِ لَفْظٌ عَامٌّ فِي الْحَسَنَاتِ خَاصٌّ فِي السَّيِّئَاتِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=689203 "مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ" . وَرُوِيَ
أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، قِيلَ: هُوَ أَبُو الْيُسْرِ بْنُ عَمْرٍو، وَقِيلَ: اسْمُهُ عَبَّادٌ، خَلَا بِامْرَأَةٍ فَقَبَّلَهَا [ ص: 30 ] وَتَلَذَّذَ بِهَا فِيمَا دُونَ الْجِمَاعِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَشَكَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَاسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ، فَقَلِقَ الرَّجُلُ فَجَاءَ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَشَكَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَقَالَةِ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ، فَقَلِقَ الرَّجُلُ فَجَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى مَعَهُ ثُمَّ أَخْبَرَهُ وَقَالَ: اقْضِ فِيَّ مَا شِئْتَ، فَقَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَعَلَّهَا زَوْجَةُ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: نَعَمْ، فَوَبَّخَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: مَا أَدْرِي، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَلَاهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَاصَّةً؟ قَالَ: بَلْ لِلنَّاسِ عَامَّةً.
وَرُوِيَ أَنَّ الْآيَةَ كَانَتْ نَزَلَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَاسْتَعْمَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَرُوِيَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ مَا حُكِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذٍ.
وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657352nindex.php?page=treesubj&link=24589_26391_2333 "الْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ- كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهَا إِنِ اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ". فَاخْتَلَفَ
أَهْلُ السُّنَّةِ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ: (إِنِ اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ) - فَقَالَ جُمْهُورُهُمْ: هُوَ شَرْطٌ فِي مَعْنَى الْوَعْدِ كُلِّهِ، أَيْ: إِنِ اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ كَانَتِ الْعِبَادَاتُ الْمَذْكُورَةُ كَفَّارَةً لِلذُّنُوبِ، فَإِنْ لَمْ تُجْتَنَبْ لَمْ تُكَفِّرِ الْعِبَادَاتُ شَيْئًا مِنَ الصَّغَائِرِ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: مَعْنَى قَوْلِهِ: "إِنِ اجْتُنِبَتْ" أَيْ: هِيَ الَّتِي لَا تَحُطُّهَا الْعِبَادَاتُ، فَإِنَّمَا شَرَطَ ذَلِكَ لِيَصِحَّ بِشَرْطِهِ عُمُومُ قَوْلِهِ: "مَا بَيْنَهُمَا"، وَإِنْ لَمْ تُجْتَنَبْ لَمْ تَحُطُّهَا الْعِبَادَاتُ وَحَطَّتِ الصَّغَائِرِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَبِهَذَا أَقُولُ: وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ حَدِيثُ خُرُوجِ الْخَطَايَا مَعَ قَطْرِ الْمَاءِ
[ ص: 31 ] وَغَيْرُهُ، وَذَلِكَ كُلُّهُ بِشَرْطِ التَّوْبَةِ مِنْ تِلْكَ الصَّغَائِرِ وَعَدَمِ الْإِصْرَارِ عَلَيْهَا، وَهَذَا نَصُّ الْحُذَّاقِ الْأُصُولِيِّينَ، وَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ تَجِيءُ هَذِهِ مَخْصُوصَةً فِي مُجْتَنِبِي الْكَبَائِرِ فَقَطْ.
وَقَوْلُهُ:" ذَلِكَ" إِشَارَةٌ إِلَى الصَّلَوَاتِ، وَوَصَفَهَا بِـ "ذِكْرَى"، أَيْ: هِيَ سَبَبُ ذِكْرٍ وَمَوْضِعُ ذِكْرَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ "ذَلِكَ: إِشَارَةٌ إِلَى الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ، فَتَكُونُ هَذِهِ الذِّكْرَى تَحُضُّ عَلَى الْحَسَنَاتِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَهُوَ تَفْسِيرُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيِّ .
ثُمَّ أَمَرَهُ تَعَالَى بِالصَّبْرِ.
وَجَاءَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ فِي نَمَطٍ وَاحِدٍ: أَعْلَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُوَفِّي جَمِيعَ الْخَلَائِقِ أَعْمَالَهُمُ، الْمُسِيءَ وَالْمُحْسِنَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالِاسْتِقَامَةِ وَالْمُؤْمِنِينَ مَعَهُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِإِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ وَوَعَدَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالصَّبْرِ عَلَى التَّبْلِيغِ وَالْمَكَارِهِ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، ثُمَّ وَعَدَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=115فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ .