لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون
الضمير في "قصصهم" عام ليوسف وأبويه وإخوته وسائر الرسل الذين ذكروا على الجملة، ولما كان ذلك كله في القرآن قال عنه: ما كان حديثا يفترى ، فإذا تأملت قصة يوسف ظهر أن في غرائبها، وامتحان الله فيها لقوم في مواضع، ولطفه لقوم في مواضع، وإحسانه لقوم في مواضع -معتبرا لمن له لب وأجاد النظر حتى يعلم أن كل أمر من عند الله تبارك وتعالى وإليه.
وقوله: "ما كان" صيغة منع، وقرينة الحال تقتضي أن البرهان يقوم على أن ذلك لا يفترى، وذلك بأدلة النبوة وأدلة الإعجاز.
[ ص: 167 ] و"الحديث" هنا واحد الأحاديث، وليس للذي هو خلاف القديم هاهنا مدخل.
ونصب "تصديق" إما على إضمار معنى كان، وإما على أن تكون "لكن" بمعنى "لكن" المشددة. وقرأ "تصديق" بالرفع، وكذلك كل ما عطف عليه، وهذا على حذف المبتدأ، التقدير: "هو تصديق"، وقال عيسى الثقفي: : النصب على تقدير: "ولكن كان"، والرفع على تقدير: "ولكن هو"، وينشد بيت أبو حاتم بالوجهين: ذي الرمة
وما كان مالي من تراث ورثته ... ولا دية كانت ولا كسب مأثم
ولكن عطاء الله من كل رحلة
... إلى كل محجوب السرادق خضرم
رفع "عطاء الله"، والنصب أجود.
و الذي بين يديه هو التوراة والإنجيل، والضمير في "يديه" عائد على القرآن، وهو اسم "كان"، وقوله: كل شيء يعني من العقائد والأحكام والحلال والحرام.
وباقي الآية بين.
تم بعون الله وتوفيقه تفسير سورة يوسف عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام والحمد لله رب العالمين