قوله عز وجل:
جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون
يحتمل أن يرتفع "جنات" على خبر ابتداء مضمر بتقدير: هي جنات عدن، ويحتمل أن يرتفع بقوله: "ولنعم دار المتقين جنات عدن"، ويحتمل أن يكون التقدير: لهم جنات عدن، ويحتمل أن تكون "جنات" مبتدأ، وخبره: "يدخلونها"، وقرأ زيد بن ثابت، : "جنات" بالنصب، وهذا نحو قوله: "زيدا ضربته"، وقرأ جمهور الناس: "يدخلونها" وقرأ وأبو عبد الرحمن إسماعيل عن : "يدخلونها" بضم الياء وفتح الخاء، ولا يصح هذا عن نافع ، ورويت عن أبي جعفر، نافع وشيبة بن نصاح. وقوله: تجري من تحتها الأنهار في موضع الحال، وباقي الآية بين.
وقرأ الجمهور: "تتوفاهم" بالتاء، وقرأ ، الأعمش : "يتوفاهم" بالياء من تحت، وفي مصحف وحمزة "توفاهم" بتاء واحدة في الموضعين. و"طيبين" عبارة عن صلاح حالهم واستعدادهم للموت، وهذا بخلاف ما قال في الكفرة: "ظالمي أنفسهم" ، والطيب: الذي لا خبث معه، ومنه قوله تعالى: ابن مسعود طبتم فادخلوها خالدين وقول الملائكة: سلام عليكم بشارة من الله تعالى، وفي هذا أحاديث صحاح يطول ذكرها. وقوله: بما كنتم تعملون أي: بما كان في [ ص: 350 ] أعمالكم من تكسبكم، وهذا على التجوز، علق دخولهم الجنة بأعمالهم من حيث جعل الأعمال أمارة لإدخال العبد الجنة، ويعترض في هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهذه الآية ترد بالتأويل إلى معنى الحديث، ومن الرحمة والتغمد، أن يوفق الله العبد إلى أعمال برة، ومقصد الحديث نفي وجوب ذلك على الله تعالى بالعقل كما ذهب إليه فريق من "لا يدخل الجنة أحد بعمله"، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بفضل منه ورحمة"، المعتزلة .