أيشركون ما لا يخلق شيئا وهم يخلقون
أيشركون استئناف مسوق لتوبيخ المشركين ، واستقباح إشراكهم على الإطلاق وإبطاله بالكلية ، ببيان شأن ما أشركوه به سبحانه ، وتفصيل أحواله القاضية ببطلان ما اعتقدوه في حقه ; أي : أيشركون به تعالى .
ما لا يخلق شيئا ; أي : لا يقدر على أن يخلق شيئا من الأشياء أصلا ، ومن حق المعبود أن يكون خالقا لعابده لا محالة .
وقوله تعالى : وهم يخلقون عطف على لا يخلق ، وإيراد الضميرين بجمع العقلاء مع رجوعهما إلى " ما " المعبر بها عن الأصنام ، إنما هو بحسب اعتقادهم فيها ، وإجرائهم لها مجرى العقلاء ، وتسميتهم لها آلهة ، وكذا حال سائر الضمائر الآتية ، ووصفها بالمخلوقية بعد وصفها بنفي الخالقية ; لإبانة كمال منافاة حالها لما اعتقدوه في حقها ، وإظهار غاية جهلهم ، فإن إشراك ما لا يقدر على خلق شيء ما بخالقه ، وخالق جميع الأشياء مما لا يمكن أن يسوغه من له عقل في الجملة ، وعدم التعرض لخالقها للإيذان بتعينه والاستغناء عن ذكره .