ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون
ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم عطف على المحسنين، كما يؤذن به قوله - عز وجل - فيما سيأتي إنما السبيل ... الآية، وقيل: عطف على الضعفاء، وهم البكاءون، سبعة من الأنصار : معقل بن يسار، وصخر بن خنساء، وعبد الله بن كعب، وسالم بن عمير، وثعلبة بن غنمة، وعبد الله بن معقل، وعلبة بن زيد، أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: نذرنا الخروج فاحملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة نغز معك، فقال: - صلى الله عليه وسلم - "لا أجد" فتولوا وهم يبكون، وقيل: هم بنو مقرن معقل، وسويد، ونعمان، وقيل: وأصحابه رضي الله تعالى عنهم. أبو موسى الأشعري
قلت لا أجد ما أحملكم عليه حال من الكاف في (أتوك) بإضمار قد و"ما" عامة لما سألوه - صلى الله عليه وسلم - وغيره مما يحمل عليه عادة، وفي إيثار (لا أجد) على (ليس عندي) من تلطيف الكلام وتطييب قلوب السائلين ما لا يخفى، كأنه - صلى الله عليه وسلم - يطلب ما يسألونه على الاستمرار فلا يجده.
تولوا جواب إذا وأعينهم تفيض أي: تسيل بشدة من الدمع أي: دمعا، فإن من البيانية مع مجرورها في حيز النصب على التمييز، وهو أبلغ من يفيض دمعها لإفادتها أن العين بعينها صارت دمعا فياضا، والجملة حالية.
وقوله عز اسمه: حزنا نصب على العلية، أو الحالية، أو المصدرية لفعل دل عليه ما قبله، أي: تفيض للحزن، فإن الحزن يسند إلى العين مجازا، [ ص: 93 ] كالفيض، أو تولوا له، أو حزنين، أو يحزنون حزنا، فتكون هذه الجملة حالا من الضمير في تفيض.
ألا يجدوا على حذف لام متعلقة بحزنا، أو تفيض، أي: لئلا يجدوا ما ينفقون في شراء ما يحتاجون إليه إذ لم يجدوه عندك.