[ ص: 133 ] ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين
ويقولون حكاية لجناية أخرى لهم، معطوفة على قوله تعالى: "ويعبدون" وصيغة المضارع لاستحضار صورة مقالتهم الشنعاء والدلالة على الاستمرار، والقائلون أهل مكة .
لولا أنزل عليه آية من ربه أرادوا: (آية) من الآيات التي اقترحوها، كأنهم لفرط العتو والفساد، ونهاية التمادي في المكابرة والعناد لم يعدوا البينات النازلة عليه - صلى الله عليه وسلم - من جنس الآيات واقترحوا غيرها، مع أنه قد أنزل عليه من الآيات الباهرة والمعجزات المتكاثرة ما يضطرهم إلى الانقياد والقبول لو كانوا من أرباب العقول.
فقل لهم في الجواب: إنما الغيب لله اللام للاختصاص العلمي دون التكويني، فإن الغيب والشهادة في ذلك الاختصاص سيان، والمعنى: أن ما اقترحتموه وزعمتم أنه من لوازم النبوة وعلقتم إيمانكم بنزوله من الغيوب المختصة بالله تعالى لا وقوف لي عليه فانتظروا نزوله إني معكم من المنتظرين أي: لما يفعل الله بكم لاجترائكم على مثل هذه العظيمة من جحود الآيات واقتراح غيرها ، وجعل الغيب عبارة عن الصارف عن إنزال الآيات المقترحة يأباه ترتيب الأمر بالانتظار على اختصاص الغيب به تعالى.