ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملئه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين
ثم بعثنا عطف على قوله تعالى: "ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم" عطف قصة على قصة من بعدهم أي: من بعد أولئك الرسل - عليهم السلام - موسى وهارون خصت بعثتهما - عليهما السلام – بالذكر، ولم يكتف باندراج خبرهما فيما أشير إليه إشارة إجمالية من أخبار الرسل - عليهم السلام - مع أقوامهم، وأوثر في ذلك ضرب تفصيل إيذانا بخطر شأن القصة وعظم وقعها، كما في نبأ نوح - عليه السلام - إلى فرعون وملئه أي: أشراف قومه، وتخصيصهم بالذكر لأصالتهم في إقامة المصالح والمهمات، ومراجعة الكل إليهم في النوازل والملمات بآياتنا أي: ملتبسين بها، وهي الآيات المفصلات في الأعراف (فاستكبروا) الاستكبار ادعاء الكبر من غير استحقاق، والفاء فصيحة، أي: فأتياهم فبلغاهم الرسالة فاستكبروا عن اتباعهما، وذلك قول اللعين لموسى عليه السلام: ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين ... إلخ، وكانوا قوما مجرمين اعتراض مقرر لمضمون ما قبله، أي: كانوا معتادين لارتكاب الذنوب العظام، فإن الإجرام مؤذن بعظم الذنب ومنه الجرم، أي: الجثة، فلذلك اجترءوا على ما اجترءوا عليه من الاستهانة برسالة الله تعالى، وحمل الاستكبار على الامتناع عن قبول الآيات لا يساعده قوله عز وعلا: