وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين
وكلا أي: وكل نبأ، فالتنوين عوضا عن المضاف إليه نقص عليك نخبرك به، وقوله تعالى: من أنباء الرسل بيان لـ(كلا)، وقوله تعالى: ما نثبت به فؤادك بدل منه، والأظهر أن يكون المضاف إليه المحذوف في (كلا) المفعول المطلق لـ(نقص)، أي: كل اقتصاص، أي: كل أسلوب من أساليبه نقص عليك من أنباء الرسل.
وقوله تعالى: "ما نثبت به فؤادك" مفعول (نقص) وفائدته التنبيه على أن المقصود بالاقتصاص زيادة يقينه عليه السلام، وطمأنينة قلبه، وثبات نفسه على أداء الرسالة واحتمال أذية الكفار بالوقوف على تفاصيل أحوال الأمم السالفة في تماديهم في الضلال، وما لقي الرسل من جهتهم من مكابدة المشاق.
وجاءك في هذه السورة، أو الأنباء المقصوصة عليك الحق الذي لا محيد عنه وموعظة وذكرى للمؤمنين أي: الجامع بين كونه حقا في نفسه وكونه موعظة وذكرى للمؤمنين، ولكون الوصف الأول حالا له في نفسه حلي باللام دون ما هو وصف له بالقياس إلى غيره، وتقديم الظرف أعني (في هذه) على الفاعل؛ لأن المقصود بيان منافع السورة أو الأنباء المقصوصة فيها، واشتمالها على ما ذكر من المنافع المفصلة لا بيان كون ذلك فيها لا في غيرها؛ ولأن عند تأخير ما حقه التقديم تبقى النفس مترقبة إليه، فيتمكن فيها عند الورود فضل تمكن؛ ولأن [ ص: 249 ] في المؤخر نوع طول يخل تقديمه بتجاوب أطراف النظم الكريم.