وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين
وشروه أي: باعوه، والضمير للوارد وأصحابه بثمن بخس زيف ناقص العيار دراهم بدل من (ثمن) أي: لا دنانير معدودة أي: غير موزونة، فهو بيان لقلته ونقصانه مقدارا بعد بيان نقصانه في نفسه، إذ المعتاد فيما لا يبلغ أربعين العد دون الوزن، فعن - رضي الله عنهما - أنها كانت عشرين درهما، وعن ابن عباس - رضي الله عنه - أنها كانت اثنين وعشرين درهما. السدي
وكانوا أي: البائعون فيه في يوسف من الزاهدين من الذين لا يرغبون فيما بأيديهم، فلذلك باعوه بما ذكر من الثمن البخس، وسبب ذلك أنهم التقطوه، والملتقط للشيء متهاون به، أو غير واثق بأمره، يخاف أن يظهر له مستحق فينتزعه منه فيبيعه من أول مساوم بأوكس ثمن، ويجوز أن يكون معنى (شروه) اشتروه من إخوته على ما حكي، وهم غير راغبين في شراه خشية ذهاب ما لهم لما طن في آذانهم من الإباق، والعدول عن صيغة الافتعال المنبئة عن الاتخاذ لما مر من أن أخذهم إنما كان بطريق البضاعة دون الاجتباء والاقتناء، و(فيه) متعلق بالزاهدين إن جعل اللام للتعريف، [ ص: 262 ] وبيان لما زهدوا فيه إن جعلت موصولة، كأنه قيل: في أي شيء زهدوا؟ فقيل: زهدوا فيه؛ لأن ما يتعلق بالصلة لا يتقدم على الموصول.