الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين
الزانية والزاني شروع في تفصيل ما ذكر من الآيات البينات وبيان أحكامها . [ ص: 156 ] والزانية : هي المرأة المطاوعة للزنا الممكنة منه كما تنبئ عنه الصيغة لا المزنية كرها ، وتقديمها على الزاني لأنها الأصل في الفعل لكون الداعية فيها أوفر ، ولولا تمكينها منه لم يقع ، ورفعهما على الابتداء والخبر قوله تعالى : فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط إذ اللام بمعنى الموصول والتقدير : التي زنت والذي زنى كما في قوله تعالى : واللذان يأتيانها منكم فآذوهما وقيل : الخبر محذوف ، أي : فيما أنزلنا أو فيما فرضنا . وقوله تعالى : "فاجلدوا .." إلخ بيان لذلك الحكم وكان هذا عاما في حق المحصن وغيره وقد نسخ في حق المحصن قطعا ، ويكفينا في تعيين الناسخ القطع بأنه صلى الله عليه وسلم قد رجم الزانية والزاني أي : حكمهما ماعزا أو غيره فيكون من باب . وفي الإيضاح الرجم حكم ثبت بالسنة المشهورة المتفق عليها ، فجازت الزيادة بها على الكتاب . وروي عن نسخ الكتاب بالسنة المشهورة رضي الله عنه : "جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم" وقيل : نسخ بآية منسوخة التلاوة وهي الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم ويأباه ما روي عن علي رضي الله عنه . علي
ولا تأخذكم بهما رأفة وقرئ بفتح الهمزة وبالمد أيضا على فعالة ، أي : رحمة ورقة . في دين الله في طاعته وإقامة حده فتعطلوه أو تسامحوه فيه ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاطمة بنت محمد لقطعت يدها" . "لو سرقت
إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر من باب التهييج والإلهاب فإن الإيمان بهما يقتضي الجد في طاعته تعالى والاجتهاد في إجراء أحكامه . وذكر اليوم الآخر لتذكير ما فيه من العقاب في مقابلة المسامحة والتعطيل .
وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين أي : لتحضره زيادة في التنكيل ، فإن التفضيح قد ينكل أكثر مما ينكل التعذيب والطائفة فرقة يمكن أن تكون حافة حول شيء من الطوف وأقلها ثلاثة كما روي عن قتادة ، وعن رضي الله عنهما : أربعة إلى أربعين ، وعن ابن عباس الحسن : عشرة ، والمراد : جمع يحصل به التشهير والزجر .