وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا
وهو الذي جعل لكم الليل لباسا ، وتلوين الخطاب لتوفية مقام الامتنان حقه . واللام متعلقة بجعل ، وتقديمها على مفعوليه للاعتناء ببيان كون ما يعقبه من منافعهم ، وفي تعقيب بيان أحوال الظل ببيان أحكام الليل الذي هو ظل الأرض من لطف المسلك ما لا مزيد عليه ، أي : هو الذي جعل لكم الليل كاللباس يستركم بظلامه كما يستركم اللباس . بيان لبعض بدائع آثار قدرته تعالى وحكمته وروائع أحكام رحمته ونعمه الفائضة على الخلق والنوم سباتا أي : وجعل النوم الذي يقع في الليل غالبا قطعا عن الأفاعيل المختصة بحال اليقظة عبر عنه بالسبات الذي الموت لما بينها من المشابهة التامة في انقطاع أحكام الحياة ، وعليه قوله تعالى : وهو الذي يتوفاكم بالليل وقوله تعالى : الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها .
وجعل النهار نشورا أي : زمان بعث من ذلك السبات كبعث الموتى على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، أو نفس البعث على طريق المبالغة ، وفيه إشارة إلى أن النوم واليقظة أنموذج للموت والنشور . وعن لقمان عليه السلام : "يا بني كما تنام فتوقظ ، كذلك تموت وتنشر" .