أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم   
أولم يروا  الهمزة للإنكار التوبيخي  [ ص: 235 ] والواو للعطف على مقدار يقتضيه المقام ، أي : افعلوا ما فعلوا من الإعراض عن الآيات والتكذيب والاستهزاء بها ولم ينظروا إلى الأرض  أي : عجائبها الزاجرة عما فعلوا الداعية إلى الإقبال على ما أعرضوا عنه وإلى الإيمان به . 
وقوله تعالى : كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم  استئناف مبين لما في الأرض من الآيات الزاجرة عن الكفر الداعية إلى الإيمان ، و"كم" خبرية منصوبة بما بعدها على المفعولية والجمع بينها وبين "كل" لإفادة الإحاطة والكثرة معا . و  "من كل زوج"  أي : صنف تمييز ، والكريم من كل شيء مرضيه ومحموده ، أي : كثيرا من كل صنف مرضي كثير المنافع أنبتنا فيها ، وتخصيص إنباته بالذكر دون ما عداه من الأصناف لاختصاصه بالدلالة على القدرة والنعمة معا ، ويحتمل أن يراد به جميع أصناف النبات نافعها وضارها ، ويكون وصف الكل بالكرم للتنبيه على أنه تعالى ما أنبت شيئا إلا وفيه فائدة كما نطق به قوله تعالى : هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا  فإن الحكيم لا يكاد يفعل فعلا إلا وفيه حكمة بالغة ، وإن غفل عنها الغافلون ولم يتوصل إلى معرفة كنهها العاقلون . 
				
						
						
