فالتاليات ذكرا فمفعول التاليات، أي: التاليات ذكرا عظيم الشأن من آيات الله تعالى، وكتبه المنزلة على الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - وغيرها من التسبيح والتقديس والتحميد والتمجيد.
وقيل: هو أيضا مصدر مؤكد لما قبله؛ فإن التلاوة من باب الذكر، ثم إن هذه الصفات إن أجريت على الكل فعطفها بالفاء للدلالة على ترتبها في الفضل إما بكون الفضل للصف ثم للزجر ثم [ ص: 184 ] للتلاوة، أو على العكس، وإن أجريت كل واحدة منهن على طوائف معينة فهو الدلالة على ترتب الموصوفات في مراتب الفضل، بمعنى أن طوائف الصافات ذوات فضل، والزاجرات أفضل، والتاليات أبهر فضلا، أو على العكس.
وقيل: المراد بالمذكورات نفوس العلماء العمال الصافات أنفسها في صفوف الجماعات، وأقدامها في الصلوات، الزاجرات بالمواعظ والنصائح، التاليات آيات الله تعالى، الدارسات شرائعه وأحكامه.
وقيل: طوائف الغزاة الصافات أنفسهم في مواطن الحروب كأنهم بنيان مرصوص، أو طوائف قوادهم الصافات لهم فيها، الزاجرات الخيل للجهاد سوقا، والعدو في المعارك طردا، التاليات آيات الله تعالى وذكره وتسبيحه في تضاعيف ذلك، والكلام في العطف ودلالته على ترتب الصفات في الفضل أو ترتب موصوفاتها فيه كالذي سلف، وأما الدلالة على الترتب في الوجود كما في قوله:
يا لهف زبانة للحرث الـ ـصابح فالغانم فالآيب
فغير ظاهرة في شيء من الطوائف المذكورة، فإنه لو سلم تقدم الصف على الزجر في الملائكة والغزاة، فتأخر التلاوة عن الزجر غير ظاهر، وقيل: الصافات الطير من قوله تعالى: والطير صافات والزاجرات كل ما يزجر عن المعاصي، والتاليات كل من يتلو كتاب الله تعالى، وقيل: الزاجرات القوارع القرآنية، وقرئ بإدغام التاء في الصاد والزاي والذال.