إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون
إن الذين قالوا ربنا الله [ ص: 13 ] شروع في بيان حسن أحوال المؤمنين في الدنيا والآخرة بعد بيان سوء حال الكفرة فيهما أي: قالوا اعترافا بربوبيته تعالى وإقرارا بوحدانيته. ثم استقاموا أي: ثبتوا على الإقرار ومقتضياته على أن "ثم" للتراخي في الزمان أو في الرتبة فإن الاستقامة لها الشأن كله، وما روي عن الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم في معناها من الثبات على الإيمان وإخلاص العمل وأداء الفرائض بيان لجزئياتها. تتنزل عليهم الملائكة من جهته تعالى يمدونهم فيما يعن لهم من الأمور الدينية والدنيوية بما يشرح صدورهم ويدفع عنهم الخوف والحزن بطريق الإلهام كما أن الكفرة يغويهم ما قيض لهم من قرناء السوء بتزيين القبائح. وقيل: تتنزل عند الموت بالبشرى. وقيل: إذا قاموا من قبورهم. وقيل: البشرى في مواطن ثلاثة: عند الموت ، وفي القبر ، وعند البعث والأظهر هو العموم والإطلاق كما ستعرفه. ألا تخافوا ما تقدمون عليه فإن الخوف غم يلحق لتوقع المكروه. ولا تحزنوا على ما خلفتم فإنه غم يلحق لوقوعه من فوات نافع أو حصول ضار. وقيل: المراد: نهيهم عن الغموم على الإطلاق ، والمعنى: أن و"أن" إما مفسرة أو مخففة من الثقيلة، والأصل بأنها لا تخافوا والهاء ضمير الشأن وقرئ "لا تخافوا" أي: يقولون لا تخافوا على أنه حال من الملائكة أو استئناف. الله تعالى كتب لكم الأمن من كل غم فلن تذوقوه أبدا وأبشروا أي: سروا. بالجنة التي كنتم توعدون في الدنيا على ألسنة الرسل هذا من بشاراتهم في أحد المواطن الثلاثة.