ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين
ولا تهنوا ولا تحزنوا تشجيع للمؤمنين وتقوية لقلوبهم وتسلية عما أصابهم يوم أحد من القتل والقرح وكان قد قتل يومئذ خمسة من المهاجرين: حمزة بن عبد المطلب صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم ومصعب بن عمير وعبد الله بن جحش ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان بن شماس وسعد مولى عتبة [ ص: 89 ] رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، ومن الأنصار سبعون رجلا رضي الله عنهم، أي: لا تضعفوا عن الجهاد بما نالكم من الجراح ولا تحزنوا على من قتل منكم. وأنتم الأعلون جملة حالية من فاعل الفعلين، أي: والحال أنكم الأعلون الغالبون دون عدوكم فإن مصير أمرهم إلى الدمار حسبما شاهدتم من أحوال أسلافهم، فهو تصريح بالوعد بالنصر والغلبة بعد الإشعار به فيما سبق، أو وأنتم المعهودون بغاية علو الشأن لما أنكم على الحق وقتالكم لله عز وجل وقتلاكم في الجنة وهم على الباطل وقتالهم للشيطان وقتلاهم في النار، وقيل: وأنتم الأعلون حالا منهم حيث أصبتم منهم يوم بدر أكثر مما أصابوا منكم اليوم. إن كنتم مؤمنين متعلق بالنهي أو بـ "الأعلون" وجوابه محذوف لدلالة ما تعلق به عليه أي: إن كنتم مؤمنين فلا تهنوا ولا تحزنوا فإن الإيمان يوجب قوة القلب والثقة بصنع الله تعالى وعدم المبالاة بأعدائه، أو إن كنتم مؤمنين فأنتم الأعلون فإن الإيمان يقتضي العلو لا محالة، أو إن كنتم مصدقين بوعد الله تعالى فأنتم الأعلون وأيا ما كان; فالمقصود تحقيق المعلق بناء على تحقيق المعلق به كما في قول الأجير: "إن كنت عملت لك فأعطني أجري:، ولذلك قيل معناه: إذ كنتم مؤمنين، وقيل: معناه: إن بقيتم على الإيمان.