الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين
الذين قالوا مرفوع على أنه بدل من واو "يكتمون" أو خبر لمبتدأ محذوف، وقيل: مبتدأ خبره قل فادرءوا بحذف العائد تقديره قل لهم إلخ أو منصوب على الذم أو على أنه نعت للذين نافقوا أو بدل منه، وقيل: مجرور على أنه بدل من ضمير أفواههم أو قلوبهم كما في قوله:
على جوده لضن بالماء حاتم
والمراد بهم عبد الله بن أبي وأصحابه. لإخوانهم أي: لأجلهم، وهم من قتل يوم أحد من جنسهم أو من أقاربهم فيندرج فيهم بعض الشهداء. وقعدوا حال من ضمير "قالوا" بتقدير قد، أي: قالوا وقد قعدوا عن القتال بالانخذال. لو أطاعونا أي: فيما أمرناهم به ووافقونا في ذلك. ما قتلوا كما لم نقتل، وفيه إيذان بأنهم أمروهم بالانخذال حين انخذلوا وأغووهم كما غووا ، وحمل القعود على ما استصوبه ابن أبي عند المشاورة من الإقامة بالمدينة ابتداء، وجعل الإطاعة عبارة عن قبول رأيه والعمل به يرده كون الجملة حالية، فإنها لتعيين ما فيه العصيان والمخالفة مع أن ابن أبي ليس من القاعدين فيها بذلك المعنى، على أن تخصيص عدم الطاعة بإخوانهم ينادي باختصاص الأمر أيضا بهم فيستحيل أن يحمل على ما خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم عند المشاورة. قل تبكيتا لهم وإظهارا لكذبهم. فادرءوا عن أنفسكم الموت جواب لشرط قد حذف تعويلا على ما بعده من قوله تعالى: إن كنتم صادقين كما أنه شرط حذف جوابه لدلالة الجواب المذكور عليه، أي: إن كنتم صادقين فيما ينبئ عنه قولكم من أنكم قادرون على دفع القتل عمن كتب عليه، فادفعوا عن أنفسكم الموت الذي كتب عليكم معلقا بسبب خاص موقتا بوقت معين بدفع سببه، فإن أسباب الموت في إمكان المدافعة بالحيل وامتناعها سواء وأنفسكم أعز عليكم من إخوانكم وأمرها أهم لديكم من أمرهم، والمعنى: أن عدم قتلكم كان بسبب أنه لم يكن مكتوبا عليكم لا بسبب أنكم دفعتموه بالقعود مع كتابته عليكم فإن ذلك مما لا سبيل إليه بل قد يكون القتال سببا للنجاة والقعود مؤديا إلى الموت. روي أنه مات يوم قالوا ما قالوا سبعون منافقا. وقيل: أريد "إن كنتم صادقين" في مضمون الشرطية، والمعنى: أنهم لو أطاعوكم وقعدوا لقتلوا قاعدين كما قتلوا مقاتلين، فقوله تعالى: فادرءوا عن أنفسكم الموت حينئذ استهزاء بهم، أي: إن كنتم رجالا دفاعين لأسباب الموت فادرءوا جميع أسبابه حتى لا تموتوا كما درأتم في زعمكم هذا السبب الخاص.