[ ص: 176 ] 55- سورة الرحمن
مكية أو مدنية أو متبعضة وآياتها ثمان وسبعون
بسم الله الرحمن الرحيم
لما عد في السورة السابقة ما نزل بالأمم السالفة من ضروب نقم الله عز وجل وبين عقيب كل ضرب منها أن القرآن قد يسر لحمل الناس على التذكر والاتعاظ ونعى عليهم إعراضهم عن ذلك عدد في هذه السورة الكريمة ما أفاض على كافة الأنام من فنون نعمه الدينية والدنيوية والأنفسية والآفاقية، وأنكر عليهم إثر كل فن منها إخلالهم بمواجب شكرها وبدئ بتعليم القرآن فقيل: الرحمن علم القرآن
الرحمن علم القرآن لأنه أعظم النعم شأنا وأرفعها مكانا. كيف لا؟ وهو مدار للسعادة الدينية والدنيوية عيار على سائر الكتب السماوية ما من مرصد يرنو إليه أحداق الأمم إلا وهو منشؤه ومناطه ولا مقصد يمتد إليه أعناق الهمم إلا وهو منهجه وصراطه، وإسناد تعليمه إلى اسم الرحمن للإيذان بأنه من آثار الرحمة الواسعة وأحكامها، وقد اقتصر على ذكره تنبيها على أصالته وجلالة قدره ثم قيل: