ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون
ألم تر تعجيب من حال المنافقين الذين كانوا يتخذون اليهود أولياء ويناصحونهم وينقلون إليهم أسرار المؤمنين أي: ألم تنظر. إلى الذين تولوا أي: والوا. قوما غضب الله عليهم وهم اليهود كما أنبأ عنه قوله تعالى: من لعنه الله وغضب عليه . ما هم منكم ولا منهم لأنهم منافقون مذبذبون بين ذلك والجملة مستأنفة أو حال من فاعل "تولوا". ويحلفون على الكذب أي: يقولون والله إنا لمسلمون وهو عطف على "تولوا" داخل في حكم التعجيب وصيغة المضارع للدلالة على تكرر الحلف وتجدده حسب تكرر ما يقتضيه، وقوله تعالى: وهم يعلمون حال من فاعل "يحلفون" مفيدة لكمال شناعة ما فعلوا، فإن الحلف على ما لم يعلم أنه كذب في غاية القبح وفيه دلالة على أن الكذب يعم ما يعلم المخبر عدم مطابقته للواقع وما لا يعلمه، روي أنه عليه الصلاة والسلام كان في حجرة من حجراته فقال: يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار وينظر بعين شيطان فدخل عبد الله بن نبتل المنافق وكان أزرق فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فحلف بالله ما فعل فقال عليه الصلاة والسلام: فعلت [ ص: 222 ] فانطلق فجاء بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه فنزلت.