وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا
وأنه من جملة الموحى، أي: وأوحي إلي أن الشأن لما قام عبد الله، أي: النبي عليه الصلاة والسلام، وإيراده بلفظ العبد؛ للإشعار بما هو المقتضى لقيامه وعبادته وللتواضع; لأنه واقع موقع كلامه عن نفسه. يدعوه حال من فاعل "قام"، أي: يعبده، وذلك قيامه لصلاة الفجر بـ"نخلة" كما مر تفصيله في سورة الأحقاف، "كادوا" أي: الجن. يكونون عليه لبدا متراكمين من ازدحامهم عليه تعجبا مما شاهدوا من عبادته وسمعوا من قراءته واقتداء أصحابه به قياما وركوعا وسجودا; لأنهم رأوا مالم يروا مثله، وسمعوا بما لم يسمعوا بنظيره، وقيل: معناه: لما قام عليه الصلاة والسلام يعبد الله وحده مخالفا للمشركين، كاد المشركون يزدحمون عليه متراكمين، واللبد: جمع لبدة، وهي تلبد بعضه على بعض ومنها لبدة الأسد، وقرئ: (لبدا) جمع لبدة، وهي بمعنى: اللبدة، و"لبدا" جمع لابد كساجد وسجد، ولبدا بضمتين جمع لبود كصبور وصبر. وعن : تلبدت الإنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه فأبى الله إلا أن يظهره على من ناوأه. قتادة