وجنات الجنة في الأصل هي المرة من مصدر جنه إذا ستره، تطلق على النخل والشجر المتكاثف المظلل بالتفاف أغصانه، قال زهير بن أبي سلمى:
كأن عيني في غربي مقتلة ... من النواضح تسقي جنة سحقا
وعلى الأرض ذات الشجر، قال الفراء: ، والأول هو المراد، وقوله تعالى: الجنة ما فيه النخيل، والفردوس ما فيه الكرم ألفافا أي: ملتفة تداخل بعضها في بعض، قالوا: لا واحد له كالأوزاع والأخياف، وقيل: الواحد لف ككن وأكنان، أو لفيف كشريف وأشراف، وقيل: هو جمع لف جمع لفاء كخضر وخضراء، وقيل: جمع ملتفة بحذف الزوائد، واعلم أن فيما ذكر من من وجوه ثلاثة، الأول: باعتبار قدرته تعالى، فإن من قدر على إنشاء هذه الأفعال البديعة من غير مثال يحتذيه ولا قانون ينتحيه كان على الإعادة أقدر وأقوى، الثاني: باعتبار علمه وحكمته، فإن من أبدع هذه المصنوعات على نمط رائع مستتبع لغايات جليلة ومنافع جميلة عائدة إلى الخلق يستحيل أن ينفيها بالكلية ولا يجعل لها عاقبة باقية، والثالث: باعتبار نفس الفعل، فإن اليقظة بعد النوم أنموذج للبعث بعد الموت يشاهدونها كل يوم، وكذا إخراج الحب والنبات من الأرض الميتة يعاينوه كل حين، كأنه قيل: ألم نفعل هذه الأفعال الآفاقية والأنفسية الدالة بفنون الدلالأت على حقية البعث الموجبة للإيمان به، فما لكم تخوضون فيه إنكارا، وتتساءلون عنه استهزاء ؟! وقوله تعالى: أفعاله عز وجل دلالة على صحة البعث وحقيته