من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا
وقوله تعالى: من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها أي: من ثوابها، جملة مستأنفة سيقت لبيان أن له صلى الله عليه وسلم فيما أمر به من تحريض المؤمنين حظا موفورا فإن الشفاعة هي التوسط بالقول في وصول شخص إلى منفعة من المنافع الدنيوية أو الأخروية أو خلاصه من مضرة ما كذلك من الشفع كأن المشفوع له كان فردا فجعله الشفيع شفعا والحسنة منها ما كانت في أمر مشروع روعي بها حق مسلم ابتغاء لوجه الله تعالى من غير أن يتضمن غرضا من الأغراض الدنيوية وأي منفعة أجل مما قد حصل للمؤمنين بتحريضه صلى الله عليه وسلم على الجهاد من المنافع الدنيوية والأخروية وأي مضرة أعظم مما تخلصوا منه بذلك من التثبط عنه ويندرج فيها الدعاء للمسلم، فإنه شفاعة إلى الله سبحانه وعليه مساق آية التحية الآتية. روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: وهذا بيان لمقدار النصيب الموعود. "من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب استجيب له وقال له الملك: ولك مثل ذلك" ومن يشفع شفاعة سيئة وهي ما كانت بخلاف الحسنة. يكن له كفل منها أي: نصيب من وزرها مساو لها في المقدار من غير أن ينقص منه شيء. وكان الله على كل شيء مقيتا أي: مقتدرا، من أقات على الشيء إذا اقتدر عليه أو شهيدا حفيظا، واشتقاقه من القوت فإنه يقوي البدن ويحفظه، والجملة تذييل مقرر لما قبلها على كلا المعنيين.