فأما من ثقلت موازينه
وقوله تعالى: فأما من ثقلت موازينه ...إلخ، بيان إجمالي لتحزب الناس إلى حزبين، وتنبيه على كيفية الأحوال الخاصة بكل منهما إثر بيان الأحوال الشاملة للكل، والموازين: إما جمع الموزون وهو العمل الذي له وزن وخطر عند الله كما قاله أو جمع ميزان قال الفراء، رضي الله عنهما: إنه ميزان له لسان وكفتان، لا يوزن فيه إلا الأعمال، قالوا: توضع فيه صحائف الأعمال فينظر إليه الخلائق إظهارا [ ص: 194 ] للمعدلة وقطعا للمعذرة، وقيل: الوزن عبارة عن القضاء السوي والحكم العادل، وبه قال ابن عباس مجاهد والأعمش واختاره كثير من المتأخرين، قالوا: إن الميزان لا يتوصل به إلا إلى معرفة مقادير الأجسام، فكيف يمكن أن يعرف به مقادير الأعمال التي هي أعراض منقضية؟! وقيل: إن الأعمال الظاهرة في هذه النشأة بصورة عرضية تبرز في النشأة الآخرة بصورة جوهرية مناسبة لها في الحسن والقبح، وقد روي عن والضحاك، رضي الله عنهما أنه يؤتى بالأعمال الصالحة على صور حسنة، وبالأعمال السيئة على صور قبيحة، فتوضع في الميزان أي: فمن ترجحت مقادير حسناته. ابن عباس