ومن شر غاسق إذا وقب
وقوله تعالى: ومن شر غاسق تخصيص لبعض الشرور بالذكر مع اندراجه فيما قبله لزيادة مساس الحاجة إلى الاستعاذة منه؛ لكثرة وقوعه، ولأن تعيين المستعاذ منه أدل على الاعتناء بالاستعاذة، وأدعى إلى الإعاذة، أي: ومن شر ليل معتكر ظلامه، من قوله تعالى: إلى غسق الليل وأصل الغسق: سيلان دمعها، وإضافة الشر إلى الليل لملابسته له بحدوثه فيه، وتفكيره لعدم شمول الشر لجميع أفراده، ولا لكل أجزائه، وتقييده بقوله تعالى: إذا وقب [ ص: 215 ] أي: دخل ظلامه في كل شيء؛ لأن حدوثه فيه أكثر، والتحرز منه أصعب وأعسر، ولذلك قيل: الليل أخفى للويل، وقيل: الغاسق: هو القمر إذا امتلأ، ووقوبه دخوله في الخسوف واسوداده، لما روي رضي الله عنها أنها قالت: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأشار إلى القمر فقال: تعوذي بالله تعالى من شر هذا الغاسق إذا وقب. عائشة وقيل: التعبير عن القمر بالغاسق؛ لأن جرمه مظلم وإنما يستنير بضوء الشمس، ووقوبه المحاق في آخر الشهر، والمنجمون يعدونه نحسا ولذلك لا يشتغل السحرة بالسحر المورث للتمريض إلا في ذلك الوقت، قيل: وهو المناسب لسبب النزول، وقيل: الغاسق: الثريا، ووقوبها: سقوطها؛ لأنها إذا سقطت كثرت الأمراض والطواعين، وقيل: هو كل شر يعتري الإنسان ووقوبه هجومه. عن