[ ص: 9 ] اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين
اليوم أحل لكم الطيبات قيل : المراد بالأيام الثلاثة وقت واحد ، وإنما كرر للتأكيد ، ولاختلاف الأحداث الواقعة فيه حسن تكريره ، والمراد بالطيبات ما مر .
وطعام الذين أوتوا الكتاب ; أي : اليهود والنصارى ، واستثنى رضي الله تعالى عنه نصارى علي بني تغلب ، وقال : ليسوا على النصرانية ، ولم يأخذوا منها إلا شرب الخمر ، وبه أخذ رضي الله عنه . والمراد بطعامهم : ما يتناول ذبائحهم وغيرها . الشافعي
حل لكم ; أي : حلال ، وعن رضي الله تعالى عنهما ، أنه سئل عن ذبائح نصارى ابن عباس العرب فقال : لا بأس ، وهو قول عامة التابعين ، وبه أخذ رضي الله عنه وأصحابه . وحكم الصابئين حكم أهل الكتاب عنده ، وقال صاحباه : هما صنفان : صنف يقرءون الزبور ويعبدون الملائكة عليهم السلام ، وصنف لا يقرءون كتابا ويعبدون النجوم ، فهؤلاء ليسوا من أهل الكتاب . وأما المجوس فقد سن بهم سنة أهل الكتاب في أخذ الجزية منهم دون أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم ، لقوله عليه الصلاة والسلام : أبو حنيفة . " سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم "
وطعامكم حل لهم فلا عليكم أن تطعموهم وتبيعوه منهم ، ولو حرم عليهم لم يجز ذلك . /0 والمحصنات من المؤمنات رفع على أنه مبتدأ حذف خبره لدلالة ما تقدم عليه ; أي : حل لكم أيضا ، والمراد بهن : الحرائر العفائف ، وتخصيصهن بالذكر للبعث على ما هو الأولى لا لنفي ما عداهن ، فإن نكاح الإماء المسلمات صحيح بالاتفاق ، وكذا نكاح غير العفائف منهن ، وأما الإماء الكتابيات فهن كالمسلمات عند رضي الله عنه ، خلافا أبي حنيفة رضي الله عنه . للشافعي
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ; أي : هن أيضا حل لكم ، وإن كن حربيات . وقال رضي الله تعالى عنهما : لا تحل الحربيات . ابن عباس
إذا آتيتموهن أجورهن ; أي : مهورهن ، وتقييد الحل بإيتائها لتأكيد وجوبها ، والحث على الأولى . وقيل : المراد بإيتائها : التزامها . و" إذا " ظرفية عاملها حل المحذوف . وقيل : شرطية حذف جوابها ; أي : إذا آتيتموهن أجورهن حللن لكم .
محصنين حال من فاعل آتيتموهن ; أي : حال كونكم أعفاء بالنكاح ، وكذا قوله تعالى : غير مسافحين . وقيل : هو حال من ضمير محصنين . وقيل : صفة لمحصنين ; أي : غير مجاهرين بالزنا .
ولا متخذي أخدان ; أي : ولا مسرين به ، والخدن : الصديق يقع على الذكر والأنثى ، وهو إما مجرور عطفا على " مسافحين " ، وزيدت " لا " لتأكيد النفي المستفاد من غير ، أو منصوب عطفا على " غير مسافحين " باعتبار أوجهه الثلاثة .
ومن يكفر بالإيمان ; أي : ومن ينكر شرائع الإسلام التي من جملتها ما بين ههنا من الأحكام المتعلقة بالحل والحرمة ، ويمتنع عن قبولها .
فقد حبط عمله الصالح الذي عمل قبل ذلك .
وهو في الآخرة من الخاسرين هو مبتدأ من الخاسرين ، خبره " وفي " ، متعلقة بما تعلق به الخبر من الكون المطلق . وقيل : بمحذوف دل عليه المذكور ; أي : خاسرة في الآخرة . وقيل : بالخاسرين على أن الألف واللام للتعريف لا موصولة ; لأن ما بعدها لا يعمل فيما قبلها . وقيل : يغتفر في الظرف ما لا يغتفر في غيره ، كما في قوله :
ربيته حتى إذا تمعددا ... كان جزائي بالعصا أن أجلدا [ ص: 10 ]