يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم
يهدي به الله توحيد الضمير المجرور لاتحاد المرجع بالذات ، أو لكونهما في حكم الواحد ، أو أريد : يهدي بما ذكر . وتقديم الجار والمجرور للاهتمام ، وإظهار الجلالة لإظهار كمال الاعتناء بأمر الهداية ، ومحل الجملة الرفع على أنها صفة ثانية لكتاب ، أو النصب على الحالية منه لتخصصه بالصفة .
من اتبع رضوانه ; أي : رضاه بالإيمان به ، ومن موصولة أو [ ص: 19 ] موصوفة .
سبل السلام ; أي : طرق السلامة من العذاب والنجاة من العقاب ، أو سبل الله تعالى ، وهي شريعته التي شرعها للناس . وقيل : هو مفعول ثان ليهدي ، والحق أن انتصابه بنزع الخافض على طريقة قوله تعالى : واختار موسى قومه ، وإنما يعدى إلى الثاني بإلى ، أو باللام كما في قوله تعالى : إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم .
ويخرجهم الضمير لمن ، والجمع باعتبار المعنى ، كما أن الإفراد في اتبع باعتبار اللفظ .
من الظلمات ; أي : ظلمات فنون الكفر والضلال ، إلى النور إلى الإيمان ، بإذنه بتيسيره أو بإرادته .
ويهديهم إلى صراط مستقيم هو أقرب الطرق إلى الله تعالى ، ومؤد إليه لا محالة ، وهذه الهداية عين الهداية إلى سبل السلام ، وإنما عطفت عليها تنزيلا للتغاير الوصفي منزلة التغاير الذاتي ، كما في قوله تعالى : ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ .