أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون
أحل لكم الخطاب للمحرمين .
صيد البحر ; أي : ما يصاد في المياه كلها ، بحرا كان ، أو نهرا ، أو غديرا ، وهو ما لا يعيش إلا في الماء ، مأكولا أو غير مأكول .
وطعامه ; أي : وما يطعم من صيده ، وهو تخصيص بعد تعميم ، والمعنى : أحل لكم التعرض لجميع ما يصاد في المياه والانتفاع به ، وأكل ما يؤكل منه ، وهو السمك عندنا ، وعند ابن أبي ليلى جميع ما يصاد فيه ، على أن تفسير الآية عنده : أحل لكم صيد حيوان البحر وأن تطعموه ، وقرئ : [ ص: 82 ] ( وطعمه ) . وقيل : صيد البحر : ما صيد فيه ، وطعامه : ما قذفه أو نضب عنه .
متاعا لكم نصب على أنه مفعول له مختص بالطعام ، كما أن " نافلة " في قوله تعالى : ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة حال مختصة بيعقوب عليه السلام ; أي : أحل لكم طعامه تمتيعا للمقيمين منكم يأكلونه طريا .
وللسيارة منكم يتزودونه قديدا . وقيل : نصب على أنه مصدر مؤكد لفعل مقدر ; أي : متعكم به متاعا . وقيل : مؤكد لمعنى أحل لكم ، فإنه في قوة متعكم به تمتيعا ، كقوله تعالى : كتاب الله عليكم .
وحرم عليكم صيد البر وقرئ على بناء الفعل للفاعل ، ونصب ( صيد البر ) وهو ما يفرخ فيه ، وإن كان يعيش في الماء في بعض الأوقات كطير الماء .
ما دمتم حرما ; أي : محرمين ، وقرئ بكسر الدال من دام يدام ، وظاهره يوجب حرمة ما صاده الحلال على المحرم ، وإن لم يكن له مدخل فيه ، وهو قول عمر رضي الله عنهم . وعن وابن عباس ، أبي هريرة ، وعطاء ، ومجاهد ، رضي الله عنهم : أنه يحل له أكل ما صاده الحلال ، وإن صاده لأجله إذا لم يشر إليه ولم يدل عليه ، وكذا ما ذبحه قبل إحرامه ، وهو مذهب وسعيد بن جبير ; لأن الخطاب للمحرمين ، فكأنه قيل : وحرم عليكم ما صدتم في البر فيخرج منه مصيد غيرهم ، وعند أبي حنيفة ، مالك ، والشافعي : لا يباح ما صيد له . وأحمد
واتقوا الله فيما نهاكم عنه ، أو في جميع المعاصي التي من جملتها ذلك .
الذي إليه تحشرون لا إلى غيره ، حتى يتوهم الخلاص من أخذه تعالى بالالتجاء إليه .