nindex.php?page=treesubj&link=28977_30525_30549_32016_32409_33679_34090_34276nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن استئناف مسوق لتعيين ما هو المراد بالأنباء التي سبق بها الوعيد ، وتقرير إتيانها بطريق الاستشهاد ، وهمزة الإنكار لتقرير الرؤية ، وهي عرفانية مستدعية لمفعول واحد ، و"
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6كم " استفهامية كانت أو خبرية ، معلقة لها عن العمل ، مفيدة للتكثير ، سادة مع ما في حيزها مسد مفعولها ، منصوبة بأهلكنا على المفعولية على أنها عبارة عن الأشخاص ، و" من قرن " مميز لها على أنه عبارة عن أهل عصر من الأعصار ، سموا بذلك لاقترانهم برهة
[ ص: 111 ] من الدهر ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=76718خير القرون قرني ثم الذين يلونهم " الحديث .
وقيل : هو عبارة عن مدة من الزمان ، والمضاف محذوف ; أي : من أهل قرن ، وأما انتصابها على المصدرية أو على الظرفية ، على أنها عبارة عن المصدر أو عن الزمان ، فتعسف ظاهر .
و" من " الأولى ابتدائية متعلقة بأهلكنا ; أي : ألم يعرفوا بمعاينة الآثار وسماع الأخبار كم أمة أهلكنا من قبل أهل
مكة ; أي : من قبل خلقهم ، أو من قبل زمانهم ، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، كعاد وثمود وأضرابهم .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6مكناهم في الأرض استئناف لبيان كيفية الإهلاك وتفصيل مبادئه ، مبني على سؤال نشأ من صدر الكلام ، كأنه قيل : كيف كان ذلك ؟ فقيل : مكانهم ... إلخ .
وقيل : هو صفة لقرن ، لما أن النكرة مفتقرة إلى مخصص ، فإذا وليها ما يصلح مخصصا لها تعين وصفيته لها .
وأنت خبير بأن تنوينه التفخيمي مغن له عن استدعاء الصفة ، على أن ذلك مع اقتضائه أن يكون مضمونه ومضمون ما عطف عليه من الجمل الأربع أمرا مفروغا عنه ، غير مقصود بسياق النظم ، مؤد إلى اختلاف النظم الكريم ، كيف لا والمعنى حينئذ : ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن موصوفين بكذا وكذا ، وبإهلاكنا إياهم بذنوبهم ، وأنه بين الفساد ، وتمكين الشيء في الأرض جعله قارا فيها ، ولما لزمه جعلها مقرا له ، ورد الاستعمال بكل منهما ; فقيل : تارة مكنه في الأرض ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=26ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه ، وأخرى مكن له في الأرض ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=84إنا مكنا له في الأرض ، حتى أجري كل منهما مجرى الآخر .
ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6ما لم نمكن لكم بعد قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6مكناهم في الأرض " ، كأنه قيل : في الأول : مكنا لهم ، أو في الثاني : ما لم نمكنكم ، و"
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6ما " نكرة موصوفة بما بعدها من الجملة المنفية ، والعائد محذوف ، محلها النصب على المصدرية ; أي : مكناهم تمكينا لم نمكنه لكم .
والالتفات لما في مواجهتهم بضعف الحال مزيد بيان لشأن الفريقين ، ولدفع الاشتباه من أول الأمر عن مرجعي الضميرين .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6وأرسلنا السماء ; أي : المطر ، أو السحاب ، أو المظلة ; لأنها مبدأ المطر .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6عليهم متعلق بأرسلنا .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6مدرارا ; أي : مغزارا ، حال من السماء .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6وجعلنا الأنهار ; أي : صيرناها ، فقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6تجري من تحتهم مفعول ثان لجعلنا ، أو أنشأناها ، فهو حال من مفعوله ، و" من تحتهم " متعلق بتجري ، وفيه من الدلالة على كونها مسخرة لهم مستمرة على الجريان على الوجه المذكور ، ما ليس في أن يقال : وأجرينا الأنهار من تحتهم .
وليس المراد بتعداد هاتيك النعم العظام الفائضة عليهم بعد ذكر تمكينهم ، بيان عظم جنايتهم في كفرانها واستحقاقهم بذلك لأعظم العقوبات ، بل بيان حيازتهم لجميع أسباب نيل المآرب ، ومبادي الأمن والنجاة من المكاره والمعاطب ، وعدم إغناء ذلك عنهم شيئا ، والمعنى : أعطيناهم من البسطة في الأجسام ، والامتداد في الأعمار ، والسعة من الأموال ، والاستظهار بأسباب الدنيا ، في استجلاب المنافع واستدفاع المضار ، ما لم نعط أهل
مكة ; ففعلوا ما فعلوا .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6فأهلكناهم بذنوبهم ; أي : أهلكنا كل قرن من تلك القرون ; بسبب ما يخصهم من الذنوب ، فما أغنى عنهم تلك العدد والأسباب ، فسيحل بهؤلاء مثل ما حل بهم من العذاب ، وهذا كما ترى آخر ما به الاستشهاد والاعتبار .
وأما قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6وأنشأنا من بعدهم ; أي : أحدثنا من بعد إهلاك كل قرن .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6قرنا آخرين بدلا من الهالكين ، فلبيان كمال قدرته تعالى وسعة سلطانه ، وأن ما ذكر من إهلاك الأمم الكثيرة
[ ص: 112 ] لم ينقص من ملكه شيئا ، بل كلما أهلك أمة أنشأ بدلها أخرى .
nindex.php?page=treesubj&link=28977_30525_30549_32016_32409_33679_34090_34276nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ اسْتِئْنَافٌ مَسُوقٌ لِتَعْيِينِ مَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْأَنْبَاءِ الَّتِي سَبَقَ بِهَا الْوَعِيدُ ، وَتَقْرِيرِ إِتْيَانِهَا بِطَرِيقِ الِاسْتِشْهَادِ ، وَهَمْزَةُ الْإِنْكَارِ لِتَقْرِيرِ الرُّؤْيَةِ ، وَهِيَ عِرْفَانِيَّةٌ مُسْتَدْعِيَةٌ لِمَفْعُولٍ وَاحِدٍ ، وَ"
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6كَمْ " اسْتِفْهَامِيَّةً كَانَتْ أَوْ خَبَرِيَّةً ، مُعَلِّقَةٌ لَهَا عَنِ الْعَمَلِ ، مُفِيدَةٌ لِلتَّكْثِيرِ ، سَادَّةٌ مَعَ مَا فِي حَيِّزِهَا مَسَدَّ مَفْعُولِهَا ، مَنْصُوبَةٌ بَأَهْلَكْنَا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ عَلَى أَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنِ الْأَشْخَاصِ ، وَ" مِنْ قَرْنٍ " مُمَيِّزٌ لَهَا عَلَى أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ أَهْلِ عَصْرٍ مِنَ الْأَعْصَارِ ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِاقْتِرَانِهِمْ بُرْهَةً
[ ص: 111 ] مِنَ الدَّهْرِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=76718خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمُ " الْحَدِيثَ .
وَقِيلَ : هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مُدَّةٍ مِنَ الزَّمَانِ ، وَالْمُضَافُ مَحْذُوفٌ ; أَيْ : مِنْ أَهْلِ قَرْنٍ ، وَأَمَّا انْتِصَابُهَا عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ أَوْ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ ، عَلَى أَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنِ الْمَصْدَرِ أَوْ عَنِ الزَّمَانِ ، فَتَعَسُّفٌ ظَاهِرٌ .
وَ" مِنِ " الْأُولَى ابْتِدَائِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بَأَهْلَكْنَا ; أَيْ : أَلَمْ يَعْرِفُوا بِمُعَايَنَةِ الْآثَارِ وَسَمَاعِ الْأَخْبَارِ كَمْ أُمَّةً أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِ أَهْلِ
مَكَّةَ ; أَيْ : مِنْ قَبْلِ خَلْقِهِمْ ، أَوْ مِنْ قَبْلِ زَمَانِهِمْ ، عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مَقَامَهُ ، كَعَادٍ وَثَمُودَ وَأَضْرَابِهِمْ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْإِهْلَاكِ وَتَفْصِيلِ مَبَادِئِهِ ، مَبْنِيٌّ عَلَى سُؤَالٍ نَشَأَ مِنْ صَدْرِ الْكَلَامِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : كَيْفَ كَانَ ذَلِكَ ؟ فَقِيلَ : مَكَانُهُمْ ... إِلَخْ .
وَقِيلَ : هُوَ صِفَةٌ لِقَرْنٍ ، لِمَا أَنَّ النَّكِرَةَ مُفْتَقِرَةٌ إِلَى مُخَصِّصٍ ، فَإِذَا وَلِيَهَا مَا يَصْلُحُ مُخَصِّصًا لَهَا تَعَيَّنَ وَصْفِيَّتُهُ لَهَا .
وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَنْوِينَهُ التَّفْخِيمِيَّ مُغْنٍ لَهُ عَنِ اسْتِدْعَاءِ الصِّفَةِ ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعَ اقْتِضَائِهِ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونُهُ وَمَضْمُونُ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مِنَ الْجُمَلِ الْأَرْبَعِ أَمْرًا مَفْرُوغًا عَنْهُ ، غَيْرَ مَقْصُودٍ بِسِيَاقِ النَّظْمِ ، مُؤَدٍّ إِلَى اخْتِلَافِ النَّظْمِ الْكَرِيمِ ، كَيْفَ لَا وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ : أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَوْصُوفِينَ بِكَذَا وَكَذَا ، وَبِإِهْلَاكِنَا إِيَّاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ، وَأَنَّهُ بَيِّنُ الْفَسَادِ ، وَتَمْكِينُ الشَّيْءِ فِي الْأَرْضِ جَعْلُهُ قَارًّا فِيهَا ، وَلَمَّا لَزِمَهُ جَعْلُهَا مَقَرًّا لَهُ ، وَرَدَ الِاسْتِعْمَالُ بَكُلٍّ مِنْهُمَا ; فَقِيلَ : تَارَةً مَكَّنَهُ فِي الْأَرْضِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=46&ayano=26وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ ، وَأُخْرَى مَكَّنَ لَهُ فِي الْأَرْضِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=84إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ ، حَتَّى أُجْرِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُجْرَى الْآخَرَ .
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ بَعْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ " ، كَأَنَّهُ قِيلَ : فِي الْأَوَّلِ : مَكَّنَّا لَهُمْ ، أَوْ فِي الثَّانِي : مَا لَمْ نُمَكِّنْكُمْ ، وَ"
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6مَا " نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِمَا بَعْدَهَا مِنَ الْجُمْلَةِ الْمَنْفِيَّةِ ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ ، مَحَلُّهَا النَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ ; أَيْ : مَكَّنَّاهُمْ تَمْكِينًا لَمْ نُمَكِّنْهُ لَكُمْ .
وَالِالْتِفَاتُ لِمَا فِي مُوَاجَهَتِهِمْ بِضَعْفِ الْحَالِ مَزِيدُ بَيَانٍ لِشَأْنِ الْفَرِيقَيْنِ ، وَلِدَفْعِ الِاشْتِبَاهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ عَنْ مَرْجِعَيِ الضَّمِيرَيْنِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ ; أَيِ : الْمَطَرَ ، أَوِ السَّحَابَ ، أَوِ الْمِظَلَّةَ ; لِأَنَّهَا مَبْدَأُ الْمَطَرِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6عَلَيْهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِأَرْسَلْنَا .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6مِدْرَارًا ; أَيْ : مِغْزَارًا ، حَالٌ مِنَ السَّمَاءِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ ; أَيْ : صَيَّرْنَاهَا ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِجَعَلْنَا ، أَوْ أَنْشَأْنَاهَا ، فَهُوَ حَالٌ مِنْ مَفْعُولِهِ ، وَ" مِنْ تَحْتِهِمْ " مُتَعَلِّقٌ بِتَجْرِي ، وَفِيهِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى كَوْنِهَا مُسَخَّرَةً لَهُمْ مُسْتَمِرَّةً عَلَى الْجَرَيَانِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ ، مَا لَيْسَ فِي أَنْ يُقَالَ : وَأَجْرَيْنَا الْأَنْهَارَ مِنْ تَحْتِهِمْ .
وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِتَعْدَادِ هَاتِيكَ النِّعَمِ الْعِظَامِ الْفَائِضَةِ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ذِكْرِ تَمْكِينِهِمْ ، بَيَانَ عِظَمِ جِنَايَتِهِمْ فِي كُفْرَانِهَا وَاسْتِحْقَاقِهِمْ بِذَلِكَ لِأَعْظَمِ الْعُقُوبَاتِ ، بَلْ بَيَانَ حِيَازَتِهِمْ لِجَمِيعِ أَسْبَابِ نَيْلِ الْمَآرِبِ ، وَمَبَادِي الْأَمْنِ وَالنَّجَاةِ مِنَ الْمَكَارِهِ وَالْمَعَاطِبِ ، وَعَدَمَ إِغْنَاءِ ذَلِكَ عَنْهُمْ شَيْئًا ، وَالْمَعْنَى : أَعْطَيْنَاهُمْ مِنَ الْبَسْطَةِ فِي الْأَجْسَامِ ، وَالِامْتِدَادِ فِي الْأَعْمَارِ ، وَالسَّعَةِ مِنَ الْأَمْوَالِ ، وَالِاسْتِظْهَارِ بِأَسْبَابِ الدُّنْيَا ، فِي اسْتِجْلَابِ الْمَنَافِعِ وَاسْتِدْفَاعِ الْمَضَارِّ ، مَا لَمْ نُعْطِ أَهْلَ
مَكَّةَ ; فَفَعَلُوا مَا فَعَلُوا .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ; أَيْ : أَهْلَكْنَا كُلَّ قَرْنٍ مِنْ تِلْكَ الْقُرُونِ ; بِسَبَبِ مَا يَخُصُّهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ ، فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ تِلْكَ الْعُدَدُ وَالْأَسْبَابُ ، فَسَيَحِلُّ بِهَؤُلَاءِ مِثْلُ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ ، وَهَذَا كَمَا تَرَى آخِرُ مَا بِهِ الِاسْتِشْهَادُ وَالِاعْتِبَارُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ ; أَيْ : أَحْدَثْنَا مِنْ بَعْدِ إِهْلَاكِ كُلِّ قَرْنٍ .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=6قَرْنًا آخَرِينَ بَدَلًا مِنَ الْهَالِكِينَ ، فَلِبَيَانِ كَمَالِ قدرته تعالى وَسَعَةِ سُلْطَانِهِ ، وَأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ إِهْلَاكِ الْأُمَمِ الْكَثِيرَةِ
[ ص: 112 ] لَمْ يَنْقُصْ مِنْ مَلِكِهِ شَيْئًا ، بَلْ كُلَّمَا أَهْلَكَ أُمَّةً أَنْشَأَ بَدَلَهَا أُخْرَى .