وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين
وإذ قال إبراهيم منصوب على المفعولية بمضمر ، خوطب به النبي عليه الصلاة والسلام ، معطوف على " قل أندعو " ، لا على " أقيموا " كما قيل ; لفساد المعنى ; أي : واذكر لهم بعد ما أنكرت عليهم عبادة ما لا يقدر على نفع وضر ، وحققت أن الهدى هو هدى الله ، وما يتبعه من شئونه تعالى ، وقت قول إبراهيم الذي يدعون أنهم على ملته ، موبخا لأبيه آزر على عبادة الأصنام ، فإن ذلك مما يبكتهم وينادي بفساد طريقتهم .
وتوجيه الأمر بالذكر إلى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث ، مع أنها المقصودة لما مر مرارا من المبالغة في إيجاب ذكرها .
وآزر بزنة آدم ، وعابر ، وعازر ، وفالغ ، وكذلك تارح ، ذكره ، محمد بن إسحق ، والضحاك ، وكان من قرية من سواد والكلبي الكوفة ، ومنع صرفه للعجمة والعلمية .
وقيل : اسمه بالسريانية : تارح ، وآزر : لقبه المشهور . وقيل : اسم صنم لقب هو به للزومه عبادته ، فهو عطف بيان لأبيه ، أو بدل منه .
وقال : معناه : الشيخ الهرم . وقال الضحاك : المخطئ . وقال الزجاج الفراء وسليمان التيمي : المعوج ، فهو نعت له ، كما إذا جعل مشتقا من الأزر ، أو الوز ، أو أريد به : عابد آزر ، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه .
وقرئ : ( آزر ) على النداء ، وهو دليل العلمية ; إذ لا يحذف حرف النداء إلا من الأعلام .
أتتخذ متعد إلى مفعولين ، هما أصناما آلهة ; أي : أتجعلها لنفسك آلهة ، على توجيه الإنكار إلى اتخاذ الجنس من غير اعتبار الجمعية ، وإنما إيراد صيغة الجمع باعتبار الوقوع .
وقرئ : ( أازرا ) بفتح الهمزة وكسرها بعد همزة الاستفهام ، وزاء ساكنة ، وراء منونة منصوبة ، وهو اسم صنم ، ومعناه : أتعبد آزرا .
ثم قيل : تتخذ أصناما آلهة ; تثبيتا لذلك وتقريرا ، وهو داخل تحت الإنكار لكونه بيانا له . وقيل : الأزر : القوة ، والمعنى : ألأجل القوة والمظاهرة تتخذ أصناما آلهة ؟ إنكارا لتعززه بها على طريقة قوله تعالى : أيبتغون عندهم العزة .
إني أراك وقومك الذين يتبعونك في عبادتها .
في ضلال عن الحق .
مبين ; أي : بين كونه ضلالا لا اشتباه فيه أصلا ، والرؤية إما علمية فالظرف مفعولها الثاني ، وإما بصرية فهو حال من المفعول ، والجملة تعليل للإنكار والتوبيخ .