فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون
كما ينبئ عنه قوله تعالى : فلما رأى الشمس بازغة ; أي : مبتدئة في الطلوع ، مما لا يكاد يتصور .
قال ; أي : على النهج السابق . [ ص: 154 ]
هذا ربي وإنما لم يؤنث لما أن المشار إليه ، والمحكوم عليه ، بالربوبية هو الجرم المشاهد من حيث هو ، لا من حيث هو مسمى باسم من الأسامي ، فضلا عن حيثية تسميته بالشمس ، أو لتذكير الخبر وصيانة الرب عن وصمة التأنيث .
وقوله تعالى : هذا أكبر تأكيد لما رامه عليه السلام من إظهار النصفة ، مع إشارة خفية إلى فساد دينهم من جهة أخرى ، ببيان أن الأكبر أحق بالربوبية من الأصغر .
فلما أفلت هي أيضا كما أفل الكوكب والقمر .
قال مخاطبا للكل صادعا بالحق بين أظهرهم .
يا قوم إني بريء مما تشركون ; أي : من الذي تشركونه من الأجرام المحدثة ، المتغيرة من حالة إلى أخرى المسخرة لمحدثها ، أو من إشراككم ، وترتيب هذا الحكم ونظيريه على الأفول دون البزوغ والظهور ، من ضروريات سوق الاحتجاج على هذا المساق الحكيم ، فإن كلا منهما وإن كان في نفسه انتقالا منافيا لاستحقاق معروضه للربوبية قطعا ، لكن لما كان الأول حالة موجبة لظهور الآثار والأحكام ، ملائمة لتوهم الاستحقاق في الجملة ، رتب عليها الحكم الأول على الطريقة المذكورة ، وحيث كان الثاني حالة مقتضية لانطماس الآثار ، وبطلان الأحكام المنافيين للاستحقاق المذكور منافاة بينة يكاد يعترف بها كل مكابر عنيد ، رتب عليها ما رتب .